الخالصة في الله، وحزم ارادتهم في السير اليه.. والإنابة الصادقة، والتوسل الحزين لدى المنيبين..
كل هذه الظواهر المنبعثة من جميع هؤلاء الذين يحمل كل منهم قوة التواتر والاجماع، تدل دلالة قوية على وجوب وجود ذلكم المعبود الأزلي؛ المعروف، المذكور، المشكور، المحمود، الواحد، المحبوب، المرغوب، المقصود، وتدل على كمال ربوبيته ووحدانيته.
ثم إنّ جميع العبادات المقبولة التي يتعبد بها الكاملون من الناس، وما ينبعث من تلك العبادات المُرضية من فيوضات ومناجاة ومشاهدات وكشفيات، جميعها تدل دلالة قوية جداً على ذلك الموجود الباقي، وذلك المعبود الأبدي وعلى أحديته وكمال ربوبيته.
فهذه النافذة المضيئة والواسعة جداً، تنفتح من ثلاث جهات انفتاحاً على الوحدانية.
النافذة العاشرة
﴿وَاَنْزَلَ مِنَ السَّمآءِ مَآءً فَاَخْرَجَ بِه مِنَ الثَّمراتِ رِزْقاً لَكُمْ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِىَ في الْبَحْرِ بِاَمْرِهِ وَسَخَّر لَكُمُ الاَنْهَارَ وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمسَ وَالقَمَرَ دآئِبَيْنِ وَسَخّرَ لَكُمُ الّيلَ والنَّهارَ وَآتيكمُ مِنْ كُلِّ مَا سَألتُمُوهُ وَاِنْ تَعدّوا نِعْمَتَ الله لاَ تُحْصُوهَا﴾(ابراهيم: 32ـ 34).
إن معاونة الموجودات بعضها للبعض الآخر وتجاوبها فيما بينها، وتساندها في الوظائف والواجبات.. يدل على أن كل المخلوقات تحت تربية ورعاية مُربٍّ واحد أحد. وأن الكل تحت أمر مدبر واحد أحد.. وان الكل تحت تصرف واحد أحد.. ذلك لأن (دستور التعاون) بين الموجودات، يجري ابتداءً من الشمس، التي تهئ بأمر الله لوازم الحياة للأحياء، ومن القمر الذي يعلمنا المواقيـت، وانتهاءً الى امداد الضوء