الكلمات | الكلمة الثالثة والثلاثون | 918
(905-964)

لأنه ان لم يُسنَد أمر الموجودات كافة الى واحد أحد، فسَيُحالُ خلق كل شئ اذن الى ما لا يُحدُّ من الأسباب.. وعندها يكون ايجاد شئ واحدٍ مشكلاً وعويصاً كخلق الموجودات كلها، ولقد أثبتنا في الكلمة الثانية والعشرين انه:
إن فُوِّض أمرُ الخلق الى الله، فقد فوّض اذن ما لا يحدُّ من الاشياء الى الواحد الأحد، والاّ فسيكون أمر كل شئ بيد ما لا يحدُّ من الاسباب، وفي هذه الحالة يكون خلق ثمرة واحدة مثلاً فيه من المشكلات والصعوبات بقدر الكون كله، بل أكثر. ولنوضح ذلك بمثال:
فكما ان تفويض ادارة جندي واحد الى أمراء عديدين فيه مشاكل عديدة جداً، بينما تفويض ادارة مائة جندي الى ضابط واحد فيه سهولة بالغة كأدارة جندي واحد، كذلك اتفاق ما لا يحد من الأسباب في ايجاد شئ واحد فيه مئات الاضعاف من الاشكالات. بينما في ايجاد الواحد الأحد للأشياء العديدة، فيه مئات الأضعاف من السهولة.
وهكذا فما يستشعره الانسان من لهفة الى الحقيقة وتَوقٍ اليها، يجعله دائم القلق والإضطراب ما لم يبلغها. فلا يجد الاطمئنان والسكون الاّ بتوحيد الخالق ومعرفة الله سبحانه ذلك لأن سلوك سبيل الكفر الذي فيه ما لا يحد من الاضطرابات والمشاكل محال، ولا حقيقة له اصلاً. بينما التوحيد فيه من السهولة المطلقة في خلق الموجودات بهذه الكثرة والابداع بحيث لا يدع للانسان مجالاً الاّ سلوكه، ولا غرو لأنه أصيل وحقيقي.
فيا مَن يتبع الضلالة.. ويا أيها الشقي المسكين!.. تأمل طريق الضلالة ما أظلمه وما أشده ايلاماً لوجدان الانسان، فلا تحاول قط ان تقحمه.. ثم تأمل في طريق التوحيد فما أصفاه وما أبسمه فاسلكه وانجُ بنفسك!

لايوجد صوت