الكلمات | الكلمة الثالثة والثلاثون | 920
(905-964)

نعم، ان دلالة الفطرة صادقة، وشهادتها لا ترّد. ولا سيما اذا كانت الشهادة صادرة عن دلالة الحال، وبخاصة اذا توافرت الدلالات من جهات عدة، فهي شهادة صادقة لا تقبل الشك قطعاً.
فتأمل الآن في صور الموجودات المتناسقة، تَرَها قد اتفقت كما تتفق الدوائر المتداخلة في توجهها نحو نقطة المركز؛ لذا فهي تنطوي على دلالات بلسان الحال وبأنماط لا حدَّ لها وعلى شهادات الفطرة بانواع لا حدّ لها، اذ كل صورة منها لسان شاهد بحد ذاته. وهيئتها المتناسقة هي الأخرى لسان شاهد صادق، بل حياة الموجود كلها لسان ذاكر بالتسبيح.
ولقد اثبتنا في الكلمة الرابعة والعشرين؛ ان جميع هذه التسبيحات البادية للمتأمل، والمنبعثة بألسنة الحال أو المقال من جميع الموجودات وتحياتها وشهاداتها الدالة على ذات مقدسة مباينة، تُظهر بوضوح ذلك الواحد الأحد الواجب الوجود، وتدل على كمال ألوهيته سبحانه.
النافذة الرابعة عشرة
﴿قُلْ مَنْ بيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيءٍ﴾(المؤمنون:88)
﴿وَاِنْ مِنْ شَيْءٍ اِلاَ عِنْدَنَا خَزَآئِنُهُ﴾(الحجر:21)
﴿مَا مِنْ دَآبَّةٍ اِلاَّ هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِها﴾(هود:56)
﴿ان ربي على كل شيء حَفيظ﴾(هود:57)
يفهم من هذه الآيات الكريمة أن كل شئ، في كل شأنٍ من شؤونه، مفتقرٌ الى الخالق الواحد الأحد ذي الجلال. فإلقاء نظرة فاحصة على ما هو منبسط بين أيدينا من موجودات الكون، نشاهد مظاهرَ قوةٍ مطلقة تنضح من خلال ضعفٍ مطلقٍ مشاهَدٍ..
ونشاهد آثارَ قدرة مطلقة تَبين من بين ثنايا عجز مطلقٍ ملموس. كالحالات الخارقة التي تظهرها بذور النباتات وأصولها أثناء نموها

لايوجد صوت