فالوجوب، والفعل، والخالقية، والوحدة، تستلزم بالبداهة والضرورة مَنْ هو الموصوف بــ(الواجب، الفاعل، الخالق، الواحد) الذي هو ليس ممكناً ولا منفعلاً ولا مخلوقاً ولا كثيراً ولا مركّباً.
وعلى هذا الأساس فان ما في الكون من إمكان، وما فيه من إنفعال، وما فيه من مخلوقية، وما فيه من كثرة، وما فيه من تركيب، يشهد شهادة واضحة على ذاتِ واجب الوجود، الواحد الأحد، خالق كل شئ الفعال لما يريد.
الخلاصة: كما يُشاهَدُ (الوجوب) من خلال (الإمكان) ويُشَاهَدُ (الفعل) من خلال (الأفعال) وتُشاهَدُ (الوحدة) من خلال (الكثرة)، وكما يدل وجود كل منها على وجود الآخر دلالة قاطعة، كذلك الصفات المشاهدة على الموجودات كـ (المخلوقية، والمرزوقية) (أي كون الموجود مخلوقاً ومرزوقاً) تدل على شؤون (الخالقية والرزاقية) دلالة قاطعة.. فوجود هذه الصفات أيضاً يدل بالضرورة وبالبداهة على (الخلاّق الرزّاق، والصانع الرحيم)...
أي أن كل موجود يشهد على (الذات الأقدس لواجب الوجود) وعلى مئات من اسمائه الحسنى بما يحمل من مئاتٍ من أمثال تلك الصفات.
فإن لم تقبل أيها الإنسان بجميع هذه الشهادات فينبغي لك إذن إنكار أمثال تلك الصفات كلها.
النافذة السادسة والعشرون (1)
ان أنواع الجمال الزاهر، وأشكال الحسن الباهر، التي تتلألأ على وجوه الكائنات السريعة الأفول، ثم تتابع هذا الجمال وتجدده بتجدد هذه الكائنات، واستمراره باستمرار تعاقبها.. إنما يظهر أنه ظِلٌ من
(1) مفتوحة لمن يريد أن يطل منها، وبالأخص لأهل القلب والمحبة. - المؤلف.