ظلال تجليات جمال سرمدي لا يحول ولا يزول. تماماً كما ان تلألأ الحباب على وجه الماء الرقراق، وتتابع هذا اللمعان في تتابع الحباب يدل على أن الحباب والزبد والتموجات التي تطفو على سطح الماء إنما تمثل مرايا عاكسة لأشعة شمسٍ باقية.. فتلمّع أنواع الجمال أيضاً على الموجودات السيالة في نهر الزمان الجاري يشير الى جمال سرمدي خالد، ويدل على ان تلك الموجودات انما تمثل اشارات وعلامات على ذلك الجمال.
ثمَّ ان ما يخفق به قلب الكون من حُبّ جاد وعشق صادق يدل على معشوق دائمٍ باقٍ... إذ كما لا يظهر شئٌ في الثمرة ما لم يوجد في الشجرة نفسها، فكذلك العشق الإلهي العَذْب الذي يستحوذ على قلب الانسان - وهو ثمرة شجرة الكون - يبين أن عشقاً خالصاً ومحبةً صادقة بأشكال شتّى، مغروزة في كيان الكون كله، وتتظاهر بأشكال شتّى. هذا الحب المالك قلب الكون يفصح عن محبوب خالد سرمدي.
ثُمَّ إنَّ ما تمور به قلوب اليقظين الراشدين من أصفياء الناس، وما يشعرون به من انجذاب، وما يؤرقهم من وَجْد، وما يحسون به من جذبات، وما تتدفق به صدورهم من توق وحنين، إنما يدل على أن حنايا ضلوع الكون تعاني ما يعاني الانسان، وتكاد تتمزق من شدة انجذابها وعظيم جذباتها، التي تتظاهر بصور متنوعة. وهذا الجذب لا ينشأ إلاّ من جاذب حقيقي، وجاذبية باقية أبدية.
ثم ان أرقَّ الناس طبعاً وألطفهم شعوراً، وأنورهم قلباً، وهم الأولياء الصالحون من أهل الكشف والشهود قد أعلنوا متفقين على أنهم قد تبددت ظلمات نفوسهم باشراق أنوار تجليات ذي الجلال، وذاقوا حلاوة تعريف الجميل ذي الجلال، وتودّده اليهم.
فاعلانهم هذا شهادة ناطقة على (الواجب الوجود) وتعريف نفسه عن طريقهم للانسان..
ثم ان قلم التجميل والتحسين الذي يبدع نقوشه في وجه الكائنات، يدل بوضوح على جمال أسماء مالك ذلك القلم المبدع..