كان الانسان العاجز هذا شأنه فكيف بآمرية القدير المطلق وحاكمية السلطان الأعظم ربّ العالمين.؟
قِسْ بنفسك كيف سيسود قانون ردّ المداخلة ويهيمن على الكون كله. أي أن الوحدة أو الإنفراد من لوازم الألوهية، ومقتضى الربوبية، التي لا تنفك عنها. فان رُمْتَ برهاناً قاطعاً على هذا، وشاهداً صادقاً عليه، فدونك النظام الأكمل، والإنسجام الأجمل المشاهدان في الكون. فتلمس النظام البديع سائداً في كل شئ ابتداءً من جناح ذبابة وانتهاءً بقناديل السماء، حتى يجعل هذا النظامُ المتقنُ العقلَ مشدوهاً أمامه ويردّد من إعجابه: سبحان الله.. ما شاء الله كان.. تبارك الله.. ويهوي ساجداً لعظمة مُبدعه. فلو كان هناك موضعٌ ولو بمقدار ذرةٍ لشريكٍ مهما كان، أو مداخلة في شــؤون الكون مهما كــان نوعها، لَفَسد نظــام السماوات والأرض ولبدت آثار الفساد عياناً، ولَمَا كانت هذه الصورة البديعة الماثلة أمامنا...وصدق الله العظيم الذي يقول:﴿لَوْ كَانَ فيهِمآ الِهَةٌ اِلاَّ الله لَفَسَدتَا﴾ (الانبياء:22) علما أن الآية الكريمة الآتية:﴿فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرى مِنْ فُطُورٍ ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنْقَلِبْ اِلَيكَ الْبَصَرُ خَاسِئاً وَهُوَ حَسيرٌ﴾(الملك:3 - 4).
انه مهما كان الانسان جاداً في تحرّيه القصور، فسيرجع خائباً، مما يدلنا أن النظام والانتظام هما في غاية الكمال. أي أن انتظام الكائنات شاهد قاطع على الوحدانية.
أما بصدد (الحدوث) فقد قال علماء الكلام:
إن العالم متغير، وكل متغير حادث، وكل مُحْدَثٍ لابد له من مُحْدِث، أي: موجِد، لذا فالكون لابد له من (موجِدٍ قديم)..
ونحن نقول:
نعم، ان الكون حادث، حيث نشاهد في كل عصر وفي كل سنة بل في كل موسم عالَماً يرحل ويحطُّ آخرُ مكانه، تمضي كائنات، وتأتي أخرى. فالقدير ذو الجلال هو الذي يوجِد هذا العالم من العدم في كل سنة، بل في كل موسم، بل في كل يوم، ويعرضه امام ارباب الشعور