النقطة الثالثة:
لله سبحانه وتعالى تجليان ــ يتجلى بهما على المخلوقات ــ وهما تجليان شرعيان صادران من صفتين من صفات كماله جل وعلا.
اولهما:
الشرع التكويني ـ أو السنة الكونية ـ الذي هو المشيئة والتقدير الإلهي الصادر من صفة (الارادة الإلهية).
والثاني:
الشريعة المعروفة الصادرة من صفة (الكلام الرباني).
فكما ان هناك طاعةً وعصياناً تجاه الاوامر الشرعية المعروفة، كذلك هناك طاعةٌ وعصيانٌ تجاه الاوامر التكوينية.
وغالباً ما يرى الاول ـ مطيع الشريعة والعاصي لها ـ جزاءه وثوابه في الدار الآخرة. والثاني ـ مطيع السنن الكونية والعاصي لها ـ غالباً ما ينال عقابه وثوابه في الدار الدنيا.
فكما ان ثواب الصبر النصرُ.
وجزاء البطالة والتقاعس الذلُّ والتسفّل.
كذلك ثواب السعي الغنى،
وثواب الثبات التغلب.
مثلما ان نتيجة السمِّ المرضُ.
وعاقبةَ الترياقِ والدواء الشفاء والعافية.
وتجتمع احياناً اوامر الشريعتين معاً في شئ.. فلكلٍ جهة.
فطاعةُ الأمر التكويني الذي هو حق، هذه الطاعة غالبة ـ لأنها طاعة لأمر إلهي ـ على عصيان هذا الأمر بالمقابل، لأن العصيان ـ لأي أمر تكويني ـ يندرج في الباطل ويصبح جزءاً منه.
فاذا ما اصبح حقٌ وسيلةً لباطلٍ فسينتصر على باطلٍ اصبح وسيلةً لحق، وتظهر النتيجة:
حقٌ مغلوب أمام باطل! ولكن ليس مغلوباً بذاته، وانما بوسيلته. اذن فــ(الحق يعلو) يعلو بالذات، والعقبى هي المرادة ــ فليس العلو قاصراً في الدنيا ـ الاّ ان التقيّد والأخذ بحيثيات الحق مقصود ولابد