الكلمات | اللوامع | 1007
(965-1035)

ايها الصديق! سألني احدهم ذات يوم:
لما كان (الحق يعلو) أمراً حقاً لا مراء فيه، فلِمَ ينتصر الكافرُ على المسلم، وتغلُب القوة على الحق؟.
قلت: تأمل في النقاط الاربع الآتية، تنحل المعضلة.
 النقطة الاولى:
لا يلزم ان تكون كلُّ وسيلةٍ من وسائل كل حقٍّ حقاً، كما لا يلزم ايضاً ان تكون كلُّ وسيلةٍ من وسائل كلِّ باطلٍ باطلاً.
فالنتيجة اذن: ان وسيلةً حقة (ولو كانت في باطل) غالبةٌ على وسيلةٍ باطلة (ولو كانت في الحق).
وعليه يكون: حقٌ مغلوب لباطل، مغلوبٌ بوسيلته الباطلة، اي مغلوبٌ موقتاً، والاّ فليس مغلوباً بذاته، وليس دائماً، لأن عاقبة الأمور تصير للحق دوماً.
أما القوة، فلها من الحق نصيبٌ، وفيها سرٌّ للتفوق كامنٌ في خلقتها.
 النقطة الثانية:
بينما يجب أن تكون كلُّ صفةٍ من صفات المسلم مسلمةً مثله، الا ان هذا ليس أمراً واقعاً، ولا دائماً!
ومثله، لا يلزم ايضاً ان تكون صفات الكافر جميعها كافرةً ولا نابعةً من كفره.
وكذا الأمر في صفات الفاسق، لا يشترط ان تكون جميعُها فاسقة، ولا ناشئة من فسقه.
إذن، صفةٌ مسلمةٌ يتصف بها كافرٌ تتغلب على صفةٍ غير مشروعة لدى المسلم. وبهذه الوساطة (والوسيلة الحقة) يكون ذلك الكافر غالباً على ذلك المسلم (الذي يحمل صفة غير مشروعة).
ثم ان حقّ الحياة في الدنيا شامل وعام للجميع. والكفر ليس مانعاً لحق الحياة الذي هو تجلٍ للرحمة العامة والذي ينطوي على سر الحكمة في الخلق.

لايوجد صوت