الكلمات | اللوامع | 1032
(965-1035)

ان برهان الايمان هو القرآن والوجدان، ذلك السر الانساني.
ارفع رأسك يا اخي، وألق نظرة في الكائنات، وحاورها، أما كانت موحشة في طريقنا الاولى والآن تبتسم وتنشر البشر والسرور؟ الا ترى قد اصبحت عيوننا كالنحلة تطير الى كل جهة في بستان الكون هذا، وقد تفتحت فيه الازهار في كل مكان، وتمنح الرحيق الطهور. ففي كل ناحية انس وسلوان، وفي كل زاوية محبة ووئام.. فهي ترتشف تلك الهدايا الطيبة، وتقطّر شهد الشهادة، عسلاًِ على عسل.
وكلما وقعت انظارنا على حركات النجوم والشموس، تسلِّمها الى يد حكمة الخالق، فتستلهم العبرة وجلوة الرحمة. حتى كأن الشمس تتكلم معنا قائلة:
يا اخوتي! لا تستوحشوا مني ولا تضجروا! فأهلاً وسهلاً بكم. فقد حللتم أهلاً ونزلتم سهلاً. انتم اصحاب المنزل، وانا المأمور المكلف بالاضاءة لكم. انا مثلكم خادم مطيع سخرّني الأحد الصمد للاضاءة لكم، بمحض رحمته وفضله. فعليّ الاضاءة والحرارة وعليكم الدعاء والصلاة.
فيا هذا! هلاّ نظرت الى القمر.. الى النجوم.. الى البحار.. كل يرحب بلسانه الخاص ويقول: حياكم وبياكم. فأهلاً وسهلاً بكم!
فانظر يا اخي بمنظار التعاون، واستمع بصماخ النظام، كل منها يقول: (نحن ايضاً خدّام مسخرون. نحن مرايا رحمة الرحمن. لا نسأم من العمل ابداً. لا تتضايقوا منا).
فلا تخيفنكم نعرات الزلازل وصيحات الحوادث، فهي ترنمات الاذكار ونغمات التسبيحات، وتهاليل التضرعات.. نعم ان الذي ارسلكم الى هنا، هو ذلك الجليل الجميل الذي بيده زمام كل اولئك.. ان عين الايمان تقرأ في وجوهها آيات الرحمة.
ايها المؤمن ياذا القلب اليقظ!
ندع عيوننا لتخلد الى شئ من الراحة، ونسلّم آذاننا للايمان بدلاً منها.
ولنستمع من الدنيا الى نغمات لذيذة.. فالاصوات التي كانت تتعالى في طريقنا السابقة ــ وظنناها اصوات مآتم عامة ونعيات الموت.. هي

لايوجد صوت