ألوف صيحات الحاجات والوف أنّات الفاقات، تنطلق كلها من نفوسنا الضعيفة. فنستوحش منها في الوقت الذي ننتظر منها السلوان، لاجدوى اذن من هذه الجهة كذلك. لجأنا الى وجداننا، نبحث عن دواء. ولكن وا أسفاه لا دواء. بل علينا وقع العلاج، اذ تجيش فيه الوف الآمال والرغبات والوف المشاعر والنزعات، الممتدة الى اطراف الكون.. تراجعنا مذعورين.. نحن عاجزون عن اغاثتها. فلقد تزاحمت الآمال في الانسان حتى امتدت اطرافها من الازل الى الأبد، بل لو ابتلعت الدنيا كلها لما شبعت.
وهكذا اينما ولّينا وجوهنا، قابَلَنا البلاء.. هذا هو طريق (الضالين والمغضوب عليهم) لأن النظر مصوّب الى المصادفة والضلال.
وحيث أننا قلّدنا ذلك المنظار، وقعنا في هذه الحال، ونسينا موقتاً الصانع والحشر والمبدأ والمعاد. انها أشد ايلاماً للروح من جهنم واشد احراقاً منها.. فما جنينا من تلك الجهات الست الاّ حالة مركبة من خوف واندهاش وعجز وارتعاش وقلق واستيحاش مع يتم ويأس.. تلك التي تعصر الوجدان..
فلنحاول دفعها ولنجابهها..
فنبدأ مقدماً بالنظر الى قدرتنا. فوا أسفاه! انها عاجزة ضعيفة.
ثم نتوجه الى تطمين حاجات النفس العطشى، تصرخ دون انقطاع ولكن ما من مجيب ولا من مغيث لإسعاف تلك الآمال التي تستغيث!
فظننا كل ما حولنا اعداءً.. كل شئ غريب. فلا نستأنس بشئ، ولا شئ يبعث الاطمئنان.. فلا متعة ولا لذة حقيقية.
ومن بعد ذلك كلما نظرنا الى الاجرام، امتلأ الوجدان خوفاً وهلعاً ووحشة، والعقول اوهاماً وريباً.
فيا أخي!
هذه هي طريق الضلال. وتلك ماهيتها. فلقد رأينا فيها ظلام الكفر الدامس.
هيا الآن يا اخي لنرجع الى العدم، ثم لنعود منه، فطريقنا هذه المرة في (الصراط المستقيم) ودليلنا العناية الإلهية، وإمامُنا القرآن الكريم.