الكلمات | اللوامع | 971
(965-1035)

فذلك القرآن العظيم بحر ناطق للتوحيد.
لنأخذ قطرة منه مثالاً؛ (سورة الاخلاص). نتناولها رمزاً قصيراً مما لا يعد من الرموز.
انها تردّ الشرك بجميع أنواعه ردّاً قاطعاً. وتثبت سبعة أنواع من التوحيد في جملها الست: ثلاث جملٍ منها مثبتة وثلاث منها منفية.
الجملة الاولى: (قل هو):اشارة بلا قرينة، أي هو تعيين بالاطلاق، ففي ذلك التعيين تعيّن. أي: لا هو الاّ هو. وهذا اشارة الى توحيد الشهود. فلو استغرقت البصيرةُ النافذة الى الحق في التوحيد، لقالت: (لا مشهود الاّ هو).
الجملة الثانية: (الله أحد) تصريح بتوحيد الألوهية، اذ الحقيقة تقول بلسان الحق: (لا معبود الاّ هو).
الجملة الثالثة: (الله الصمد) صدف لدرّين من درر التوحيد.
الأول: توحيد الربوبية: فلسان نظام الكون يقول: (لا خالق الاّ هو).
الثاني: توحيد القيومية: أي: ان لسان الحاجة الى مؤثر حقيقي في الكون كله يقول: (لا قيوم الاّ هو).
الجملة الرابعة: (لم يلد) يستتر فيها توحيد الجلال، ويردّ أنواع الشرك، ويقطع دابر الكفر:
لان الذي يتغير ويتناسل ويتجزأ لاشك انه ليس بخالق ولا قيوم ولا إله.
و (لم يلد): يردّ مفهوم البنوة والتولد، اذ يقطع قطعاً شرك بنوة عيسى وعزير (عليهما السلام) والملائكة أو العقول. فلقد ضل كثير من الناس، وهووا في غياهب الضلال من هذا الشرك.
خامستها: (ولم يولد) توحيد سرمدي يشير الى اثبات الأحدية.
فمن لم يكن واجباً قديماً أزلياً لا يكون إلهاً، أي: إن كان حادثاً زمانياً، أو متولداً مادةً، أو منفصلاً عن أصل، لا يمكن ان يكون إلهاً لهذا الكون.

لايوجد صوت