فسألوني:
- ماذا سيحدث لعالم الاسلام عقب هذه الهزيمة؟
اجبت بصفتي ممثلاً عن العصر الحاضر، وهم يستمعون اليّ:
- ان هذه الدولة التي اخذت على عاتقها - منذ السابق - حماية استقلال العالم الاسلامي، واعلاء كلمة الله بالقيام بفريضة الجهاد - فرضاً كفائياً - ووضعت نفسها موضع التضحية والفداء عن العالم الاسلامي الذي هو كالجسد الواحد حاملة راية الخلافة، اقول: ان هذه الدولة، وهذه الامة الاسلامية، ستعوّض عن هذا البلاء الذي أصابها، سعادة يرفل بها العالم الاسلامي، وحرية يتمتع بها، وستتلافى المصائب والاضرار الماضية، فالذي يكسب ثلاثمائة بدفع ثلاثٍ لا شك انه غير خاسر، وذو الهمة يبدل حاله الحاضرة الى مستقبل زاهر. فهذه المصيبة قد بعثت الشفقة والاخوة والترابط بين المسلمين بعثاً خارقاً.
ان تنامي الاخوة بين المسلمين يُسرع في هزّ المدنية الحاضرة ويقرب دمارها، وستتبدل صورة المدنية الحاضرة، وسيقوض نظامها. وعندها تظهر المدنية الاسلامية، وسيكون المسلمون اول من يدخلونها بارادتهم.
وان اردت الموازنة بين المدنية الشرعية والمدنية الحاضرة، فدقق النظر في اسس كلٍ منهما ثم انظر الى آثارهما.
ان اسس المدنية الحاضرة سلبية، وهي اسس خمسة، تدور عليها رحاها.
فنقطة استنادها: القوة بدل الحق، وشأن القوة الاعتداء والتجاوز والتعرض، ومن هذا تنشأ الخيانة.
هدفها وقصدها: منفعة خسيسة بدل الفضيلة، وشأن المنفعة: التزاحم والتخاصم، ومن هذا تنشأ الجناية.
دستورها في الحياة: الجدال والخصام بدل التعاون، وشأن الخصام: التنازع والتدافع، ومن هذا تنشأ السفالة.