الكلمات | اللوامع | 992
(965-1035)

الهدى فعّال في القلب، يدفع الدماغ الى العمل والنشاط. بينما الدهاء فعال في الدماغ، ويعكرّ صفو القلب ويكدّره.
الهدى ينور الروح حتى تثمر حباتها سنابل، فتتنور الطبيعة المظلمة، وتتوجه الاستعدادات نحو الكمال. ولكن يجعل النفس الجسمانية خادمة مطيعة. فيضع في سيماء الانسان الساعي الجاد صورة المَلَك.
أما الدهاء فيتوجّه مقدماً الى النفس والجسم ويخوض في الطبيعة، ويجعل النفس المادية مزرعة لإنماء الاستعداد النفساني وترعرعه. بينما يجعل الروح خادمة، حتى تتيبس بذورها وحباتها، فيضع في سيماء الانسان صورة الشيطان.
الهدى يمنح السعادة لحياة الانسان في الدارين وينشر فيهما النور والضياء، ويدفع الانسان الى الرقي. اما الدهاء الاعور كالدجال، فيفهم الحياة انها دار واحدة فحسب، لذا يدفع الانسان ليكون عبد المادة، متهالكاً على الدنيا حتى يجعله وحشاً مفترساً.
نعم! ان الدهاء يعبد الطبيعة الصماء، ويطيع القوة العمياء.
أما الهدى فانه يعرف الصنعة المالكة للشعور، ويقدّر القدرة الحكيمة.
الدهاء يسدل على الارض ستار الكفران.. والهدى ينثر عليها نور الشكر والامتنان.
ومن هذا السر: فالدهاء أعمى أصم.. والهدى سميع بصير.
اذ في نظر الدهاء: لا مالك للنعم المبثوثة على الارض ولا مولى يرعاها، فيغتصبها دون شكران، اذ الاقتناص من الطبيعة يولد شعوراً حيوانياً.
أما في نظر الهدى فان النعم المبسوطة على الارض هي ثمرات الرحمة الإلهية، وتحت كلٍ منها يد المحسن الكريم. مما يحض الانسان على تقبيل تلك اليد بالشكر والتعظيم.
زد على ذلك:

لايوجد صوت