الكلمات | الكلمة العاشرة | 103
(56-121)

سيزيلها من على طريق الآخرة، وكيف سيدمّرها؟ أم هل يمكن أن يُسأل ذو الجلال والاكرام الذي أوجد الذرات من العدم ونسّقها بأمر (كُنْ فَيَكُونُ) في أجساد جنود الاحياء ، فأنشأ منها الجيوش الهائلة، كيف سيجمع بصيحة واحدة تلك الذرات الاساسية التي تعارفت فيما بينها، وتلك الاجزاء الاساسية التي انضوت تحت لواء فرقة الجسد ونظامه؟
فها أنت ذا ترى بعينيك كم من نماذج وأمثلة وامارات للحشر شبيهة بحشر الربيع، قد أبدعها الباري سبحانه وتعالى في كل موسم، وفي كل عصر، حتى ان تبديل اللّيل والنّهار، وانشاء السحاب الثقال وافناءها من الجو، نماذج للحشر وأمثلة وامارات عليه.
واذا تصورت نفسك قبل ألف سنة مثلاً، وقابلت بين جناحي الزمان الماضي والمستقبل، ترى أمثلة الحشر والقيامة ونماذجها بعدد العصور والايام.
فلو ذهبت الى استبعاد الحشر الجسماني وبعث الاجساد متوهماً انه بعيد عن العقل ، بعد ما شاهدت هذا العدد الهائل من الأمثلة والنماذج، فستعلم انت كذلك مدى حماقة من ينكر الحشر.
تأمل ماذا يقول الدستور الاعظم حول هذه الحقيقة:
﴿فَانْظُر اِلى آثَارِ رَحْمَتِ الله كَيْفَ يُحْيىِ الاَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا اِنَّ ذلِكَ لَمُحيي الْمَوْتَى وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيءٍ قَديرٌ﴾(الروم: 50)
الخلاصة: لا شئ يحول دون حدوث الحشر، بل كل شئ يقتضيه ويستدعيه. نعم! ان الذي يحيي هذه الارض الهائلة وهي معرض العجائب ويميتها كأدنى حيوان، والذي جعلها مهداً مريحاً وسفينة جميلة للانسان والحيوان، وجعل الشمس ضياءً وموقداً لهذا المضيف، وجعل الكواكب السيّارة والنجوم اللامعة مساكن طائرات للملائكة.. ان ربوبية خالدة جليلة الى هذا الحدّ، وحاكمية محيطة عظيمة الى هذه الدرجة، لا تستقران ولا تنحصران في أمور الدنيا الفانية الزائلة

لايوجد صوت