الكلمات | الكلمة العاشرة | 106
(56-121)

ثمارها، ثم يجعل غاية وجود تلك الوظائف والحكم والمصالح جميعها مجرّد ذلك الجزء الضئيل المتوجه الى الدنيا. أي يجعل غاية الوجود هي البقاء في الدنيا فقط، الذي لا أهمية له حتى بمثقال حبة من خردل؟ ولا يجعل تلك الوظائف والحِكَم والمصالح بذوراً لعالم المعنى، ولا مزرعة لعالم الآخرة لتثمر غاياتها الحقيقية اللائقة بها.
وهل يعقل ان تذهب جميع هذه المهرجانات الرائعة والاحتفالات العظيمة هباءً بلا غاية، وسدى بلا معنى وعبثاً بلا حكمة؟!
أم هل يعقل ان لا يوجّه كلها الى عالم المعنى وعالم الآخرة لتظهر غاياتُها الأصيلة وأثمارُها الجديرةُ بها؟!
نعم! أمن الممكن ان يظهر كل ذلك خلافاً للحقيقة، خلافاً لأوصافه المقدّسة وأسمائه الحسنى: (الحكيم، الكريم، العادل، الرحيم) كلا.. ثم كلا.
أم هل من الممكن أن يكذِّب سبحانه حقائقَ جميع الكائنات الدالة على أوصافه المقدّسة من حكمةٍ وعدلٍٍ وكرمٍ ورحمة، ويردّ شهادة الموجودات جميعاً، ويبطل دلائل المصنوعات جميعاً! تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً.
وهل يقبل العقل أن يعطي للانسان اجرة دنيوية زهيدة، زهادة شعرة واحدة، مع انه اناط به وبحواسه مهاماً ووظائف هي بعدد شعرات رأسه؟ فهل يمكن ان يقوم بمثل هذا العمل الذي لا معنى له ولا مغزى خلافاً لعدالته الحقة، ومنافاة لحكمته الحقيقة؟ سبحانه وتعالى عما يقولون علواً كبيراً.
أوَ من الممكن أن يقلّد سبحانه كل ذي حياة، بل كل عضو فيه - كاللسان مثلاً - بل كل مصنوع، من الحِكم والمصالح بعدد أثمار كل شجرة مُظهراً حكمته المطلقة ثم لا يمنح الانسان البقاء والخلود، ولا يهب له السعادة الأبدية التي هي أعظم الحِكَم، وأهم المصالح، وألزم النتائج؟ فيترك البقاء واللقاء والسعادة الابدية التي جعلت الحكمة حكمة، والنعمة نعمةً، والرحمة رحمةً، بل هي مصدر جميع الحكم والمصالح والنعم والرحمة ومنبعها. فهل يمكن ان يتركها ويهملها

لايوجد صوت