هذيان وجنون.. لأنه يلزم اذ ذاك قبول ألوهية مطلقة في كل شئ حتى في كل ذرة!.
لأن كل ذرة من ذرات الهواء - مثلاً - تستطيع أن تدخل في كل زهرة، وفي كل ثمرة، وفي كل ورقة، وتتمكن ان تؤدي دورها هناك. فلو لم تكن هذه الذرة مأمورةً ومسخرةً للزم أن تكون على علمٍ باشكال ما تمكنت من الدخول فيه، وبصورته وتركيبه، وهيئته، أي يجب ان تكون ذات علم محيط، وذات قدرة شاملة كي تستطيع القيام بذلك!!
وكل ذرة من ذرات التراب - مثلاً - يمكـن ان تكون سـبباً لنشـوء البـذور ونمو أنواعها جميعاً. فلو لم تكـن مأمورة ومسـخّرة للزم أن تحـتوي آلات وأجهزة معنوية بعدد انواع الاعشاب والاشجار، أو يجب منحها قدرة ومهارة بحيث تعلم جميع اشكال تراكيبها، فتصنعها، وتعرف جميع صورها، فتنسجها.. وقس على هذا سائر الموجودات، حتى تفهم أن للوحدانية دلائل واضحة باهرة في كل شئ.
نعم، ان خلق كل شئ من شئ واحد، وخلق شئ واحد من كل شئ، انما هو عمل يخصّ خالق كل شئ. فتدبر وتأمل في قوله تعالى ﴿وَاِنْ مِنْ شَيءٍْ اِلاَّ يُسَبِـّحُ بِحَمْدِهِ﴾. واعلم ان عدم الاعتقاد بالإله الواحد الأحد يستلزم الاعتقاد بآلهة عدة بعدد الموجودات!
الاشارة الثانية:
لقد جاء في الحكاية ذكر مبعوث كريم، وذُكر أن من لم يكن أعمى يفهم من رؤية أوسمته: أنه شخص عظيم، لا يأتمر الاّ بأمر السلطان، فهو عامله الخاص.. فهذا المبعوث انما هو رسولنا الاعظم y.
نعم، يلزم ان يكون لمثل هذا الكون البديع ولصانعه القدوس، مثل هذا الرسول الكريم، كلزوم الضوء للشمس. لانه كما لا يمكن للشمس الاّ ان تشع ضياءً كذلك لا يمكن للألوهية إلاّ ان تظهر نفسها بارسال الرسل الكرام عليهم السلام.
فهل يمكن ان لا يرغب جمالٌ في غاية الكمال في اظهار نفسه