الكلمات | الكلمة العاشرة | 98
(56-121)

الشاملة؟ فلئن كان الحفظ الى هذا الحد من الاتقان والاحاطة فيما لا أهمية له وفي أشياء مؤقتة عادية، فهل يُعقل عدم الاحتفاظ بأعمال البشر، التي لها ثمار مهمة في عالم الغيب وعالم الآخرة وعالم الأرواح، ولدى الربوبية المطلقة؟! فهل يمكن اهمالها وعدم تدوينها؟ حاش لله...
نعم، يفهم من تجلي هذه الحفيظية، وعلى هذه الصورة الواضحة، ان لمالك هذه الموجودات عناية بالغة لتسجيل كل شئ وحفظه، وضبطِ كل ما يجري في ملكه، وله منتهى الرعاية في حاكميته، ومنتهى العناية في سلطنة ربوبيته، بحيث انه يكتب ويستكتب أدنى حادثة وأهون عمل محتفظاً بصور كل ما يجري في ملكه في محافظَ كثيرة. فهذه المحافظة الواسعة الدقيقة تدل على انه سيُفتح بلاشك سجلٌ لمحاسبة الاعمال، ولاسيما لهذا المخلوق المكرّم والمعزّز والمفطور على مزايا عظيمة، ألا وهو الانسان. فلابدّ ان تدخل اعماله التي هي عظيمة، وافعاله التي هي مهمة ضمن ميزان حساس ومحاسبة دقيقة، ولابد ان تُنشر صحائف اعماله.
فيا ترى هل يقبل عقل بأن يُترك هذا الانسان الذي أصبح مكرّماً بالخلافة والامانة، والذي ارتقى الى مرتبة القائد والشاهد على المخلوقات، بتدخله في شؤون عبادة أغلب المخلوقات وتسبيحاته باعلانه الوحدانية في ميادين المخلوقات الكثيرة وشهوده شؤون الربوبية الكلية.. فهل يمكن ان يُترك هذا الانسان، يذهب الى القبر لينام هادئاً دون أن ينبّه ليُسأل عن كل صغيرة وكبيرة من اعماله، ودون ان يُساق الى المحشر ليحاكم في المحكمة الكبرى؟ كلاّ ثم كلاّ!.
وكيف يمكن ان يذهب هذا الانسان الى العدم، وكيف يمكن ان يتوارى في التراب فيفلت من يد القدير ذي الجلال الذي تشهد جميع الوقائع التي هي معجزات قدرته في الازمنة الغابرة على قدرته العظيمة لما سيحدث من الممكنات في الازمنة(1) الآتية. تلك القدرة  

(1) ان الماضي الممتد منذ الان الى بدء الخليقة مليء بالوقائع والاحداث، فكل يوم ظهر الى

لايوجد صوت