مستحسنين لها، هاتفين: هلموا لمشاهدة هذه البدائع، حيّ على الفلاح.. اشهدوها وكونوا شهداء عليها.
ثم اجابوا اعلان ذلك السلطان العظيم - سلطان الازل والابد - لربوبية سلطنته في الكون كله، واظهاره وحدانيته للوجود كافة، بقولهم: سمعنا واطعنا.. فَسمعوا، وانقادوا واطاعوا.
ثم استجابوا لإظهار رب العالمين اُلوهيته الجليلة، بخلاصة عبودية تنمّ عن ضعفهم الكامن في عجزهم، وفقرهم المندمج في حاجاتهم.. تلك هي الصلاة.
وهكذا بمثل هذه الوظائف المتنوعة للعبودية، ادّوا فريضة عمرهم ومهمة حياتهم في هذا المسجد الاكبر المسمى بدار الدنيا، حتى اتخذوا صورة أحسن تقويم، واعتلوا مرتبةً تفوق جميع المخلوقات قاطبة، اذ أصبحوا خلفاء أمناء في الارض، بما اُودع فيهم من الايمان والأمانة..
وبعد انتهاء مدة الامتحان والخروج من قبضة الاختبار يدعوهم ربهم الكريم الى السعادة الابدية والنعيم المقيم ثواباً لإيمانهم، ويرزقهم الدخول الى دار السلام جزاء اسلامهم، ويكرمهم - وقد اكرمهم - بنعمٍ لا عين رأت ولا اُذن سمعت ولا خطرت على قلب بشر، اذ المشاهد المشتاق لجمال سرمدي والعاشق الذي يعكسه كالمرآة، لابد ان يظل باقياً ويمضي الى الابد.
هذه هي عقبى تلاميذ القرآن.. اللّهمّ اجعلنا منهم!.
أما الفريق الآخر وهم الفجار والاشرار فما ان دخلوا بسن البلوغ قصر هذا العالم الاّ وقابلوا بالكفر دلائل الوحدانية كلها، وبالكفران الآلاء التي تُسبغ عليهم، واتهموا الموجودات كلها بالتفاهة وحقّروها بالعبثية ورفضوا تجليات الاسماء الإلهية على الموجودات كلها، فارتكبوا جريمة كبرى في مدة قصيرة، مما استحقوا عذاباً خالداً.
نعم، ان الانسان لم يُوهَب له رأس مال العمر، ولم يودَع فيه أجهزة انسانية راقية إلاّ ليؤهله ذلك على تأدية الوظائف الجليلة