﴿يامعْشَرَ الجنّ والإنس ان استطعتُم أن تنفُذُوا من أقطار السمواتِ والارض فانفذوا لاتنفذون إلاّبسلطان فبأى آلاء ربكما تكذّبان يُرسَل عليكُما شواظٌ من نارٍ ونحاسٌ فلا تنتصران﴾ (الرحمن: 33ـ 35).
تأمل النذير العظيم والتهديد المريع والزجر العنيف في هذه الآية، وكيف تكسر تمرد الجن والانس ببلاغة معجزة، معلنة عجزهما، مبينة مدى ما فيهما من ضعف امام عظمة سلطانه وسعة ربوبيته جلّ وعلا. فكأن الآية الكريمة، وكذا الآية الاخرى ﴿وجعلناها رجوماً للشياطين﴾ (الملك:5) تخاطبان هكذا:
ايها الانس والجان، ايها المغرورون المتمردون، المتوحلون بعجزهم وضعفهم! ايها المعاندون الجامحون المتمرغون في فقرهم وضعفهم انكم إن لم تطيعوا أوامري، فهيا اخرجوا من حدود ملكي وسلطاني إن استطعتم! فكيف تتجرأون اذن على عصيان أوامر سلطان عظيم؛ النجوم والاقمار والشموس في قبضته، تأتمر بأوامره، كأنها جنود متأهبون.. فأنتم بطغيانكم هذا إنما تبارزون حاكماً عظيماً جليلاً له جنود مطيعون مهيبون يستطيعون ان يرجموا بقذائف كالجبال، حتى شياطينكم لو تحملت.. وانتم بكفرانكم هذا إنما تتمردون في مملكة مالك عظيم جليل، له جنود عظام يستطيعون ان يقصفوا اعداءً كفرة ـ ولو كانوا في ضخامة الارض والجبال ـ بقذائف ملتهبة وشظايا من لهيب كامثال الأرض والجبال، فيمزقونكم ويشتتونكم!. فكيف بمخلوقات ضعيفة امثالكم؟.. وانتم تخالفون قانوناً صارماً يرتبط به من له القدرة ـ باذن الله ـ ان يمطر عليكم قذائف وراجمات امثال النجوم.
نعم ان في القرآن الكريم تحشيدات ذات اهمية بالغة، فهي ليست ناتجة من قوة الاعداء، بل من اسباب اخرى كاظهار عظمة الالوهية وفضح العدو وشناعته.