الكلمات | الكلمة الثانية والعشرون | 373
(362-378)

والصعوبات الجمة في منطق العقل انما هو في عدم معرفة المالك والذي يفضي بك الى انكار وجود هذه المواد المبذولة لك، باثمانها الزهيدة ووفرتها العظيمة. بينما اذا عرفناه يكون قبول ما في هذا القصر، وما في هذا العالم سهلاً ومستساغاً ومعقولاً جداً، كأنه شئ واحد، اذ لو لم نعرفه ولولاه، لكان كل شئ عندئذٍ صعباً وعسيراً بل لا ترى شيئاً مما هو متوفر ومبذول امامك. فان شئت فانظر فحسب الى علب الـمُربيات(2) المتدلية من هذه الخيوط. فلو لم تكن من انتاج مطبخ تلك القدرة المعجزة، لما كان باستطاعتك الحصول عليها ولو باثمان باهظة.
نعم ان الاستبعاد والمشكلات والصعوبة والهلاك والمحال انما هو في عدم معرفته، لأن ايجاد ثمرة - مثلاً - يكون صعباً ومشكلاً كالشــجرة نفـسها فيما اذا ربط كل ثمرة بمراكز متعددة وقوانين مختلفة، بينما يكون الأمر سهلاً مستساغاً اذا ما كان ايجاد الثمرة بقانون واحد ومن مركز واحد فيكون ايجاد آلاف الاثمار كايجاد ثمرة واحدة. مَثلُه في هذا كمثل تجهيز الجيش بالعتاد، فان كان من مصدر واحد وبقانون واحد ومن معمل واحد، فالأمر سهلٌ ومستساغ عقلاً. بينما اذا جُهّز كلُّ جندي بقانون خاص ومن مصدر خاص ومن معمل يخصه، فالأمر صعب ومشكل جداً، بل سيحتاج ذلك الجندي حينئذٍ الى مصانع عتاد ومراكز تجهيزات وقوانين كثيرة بعدد أفراد جيش كامل.
فعلى غرار هذين المثالين، فان ايجاد هذه الاشياء في هذا القصر العظيم والمدينة الرائعة، وفي هذه المملكة الراقية والعالم المهيب اذا ما اُسند الى واحدٍ أحد فان الأمر سهل ومستساغ حيث يكون ما نراه من وفرة الاشياء وكثرتها واضحاً، بينما ان لم يسند الأمر اليه يكون ايجاد اي شئ كان عسيراً جداً، بل لا يمكن ايجاده اصلاً حتى لو اعطيت الدنيا كلها ثمناً له. 
(2) معلبات المربيات، اشارة الى البطيخ والشمام والرمان وغيرها من معلبات القدرة الالهية، وكل ذلك هدايا الرحمة الالهية. - المؤلف.

لايوجد صوت