الكلمات | الكلمة الثانية والعشرون | 376
(362-378)

آذانٌ صاغية له، بل المملكة برمّتها تصغى اليه، حيث الجميع يسعون الى سماع كلامه الطيب ويتلهفون لرؤية محياه الزاهر. أوَ تظن ان الانسان وحده يصغي اليه فحسب؟ بل الحيوانات ايضاً، بل حتى الجبال والجمادات تصغى لأوامره وتهتز من خشيتها وشوقها اليه. انظر الى الاشجار كيف تنقاد الى أوامره وتذهب الى ما اشار اليه من مواضع، انه يفجّر الماء اينما يريد، بل حتى من بين أصابعه، فيرتوي الناس من ذلك الماء الزلال. انظر الى ذلك المصباح المتدلي من سقف المملكة(1) انه ينشق الى شقين اثنين بمجرد اشارة منه. فكأن هذه المملكة وبما فيها تعرفه جيداً وتعلم يقيناً انه موظف مرسل بمهمة من لدن السلطان، ومبلّغ امين لأوامره الجليلة. فتراهم ينقادون له انقياد الجندي المطيع. فما من راشد عاقل ممن حوله الاّ ويقول انه رسول كريم، ويصدقونه ويذعنون لكلامه، ليس هذا فحسب بل يصدّقه ما في المملكة من الجبال والمصباح العظيم(2). والجميع يقولون بلسان الحال وبخضوع: نعم.. نعم ان كل ما ينطق به صدق وعدل وصواب...
فيا ايها الصديق الغافل! هل ترى انه يمكن ان يكون هناك أدنى احتمال لكذبٍ أو خداع في كلام هذا الكريم؟ حاش لله أن يكون من ذلك شئ من كلامه ابداً. وهو الذي اكرمه السلطان بألفٍ من الانواط والشارات، وهي علامات تصديقه له، وجميعُ اشراف المملكة يصدّقونه، وكلامُه كله ثقة واطمئنان، فهو يبحث في أوصاف السلطان المعجِز وعن أوامره البليغة. فان كنت تجد في نفسك شيئاً من احتمال الكذب، فيلزم عليك أن تكذّب كل الجماعات المصدّقة به، بل تنكر وجود القصر والمصابيح وتنكر وجود كل شئ وتكذّب حقيقتهم، والاّ

(1) اشارة الى القمر، ومعجزة شق القمر. فقد قال مولانا جامي: (ان ذلك الأمي الذي لم يكتب في حياته شيئاً غير ما كتبه باصبعه حرف ألف على صحيفة السماء فشق به القمر شقين...). - المؤلف.
(2) اشارة الى الشمس التي رجعت عن المغيب بعودة الارض من المشرق ، فشوهدت من جديد، وبناء على هذه المعجزة ادّى الامام علي رضي الله عنه صلاة العصر التي كادت ان تفوته، وذلك بسبب نوم الرسول y على فخذه. المؤلف.

لايوجد صوت