الكلمات | الكلمة الثانية والعشرون | 375
(362-378)

تعقبها وانصباغها بصفاتها يدلنا على أن تلك الأفعال انما هي تجلياتُ مَن هو دائم لا يزول وقائمٌ لا يحول. والاشياء جميعاً نقوشُه ومراياه وصنعتُه ليس الاّ.
 البرهان الحادي عشر
تعال أيها الصديق لأبين لك برهاناً يملك من القوة ما للبراهين العشرة السابقة. دعنا نتأهب لسفرة بحرية، سنركب سفينة(1) لنذهب الى جزيرة بعيدة عنا. أتعلم لماذا نذهب اليها؟. ان فيها مفاتيح ألغاز هذا العالَم ومغاليق اسراره وأعاجيبه. ألا ترى أنظار الجميع محدقة بها، ينتظرون منها بلاغاًً ويتلقون منها الاوامر.. فها نحن نبدأ بالرحلة.. وها قد وصلنا اليها ووطئت أقدامُنا أرضَ الجزيرة.. نحن الآن امام حشد عظيم من الناس وقد أجتمـع اشراف المملكة جميعـُهم هنا.. أمعن النظر يا صديقي الى رئيس الاجتماع المهيب.. هلاّ نتقرب اليه قليلاً فنعرفه عن كثب.. فها هو ذا متقلّد أوسمةً راقية تزيد على الألف(2) ويتحدث بكلام ملؤه الطيب والثقة والاطمئنان. وحيث اني كنت قد تعلمت شيئاً مما يقـول خلال خمسة عشر يوماً السابقة فسوف أعلّمك إياه.. انه يتحدث عن سلطان هذه المملكة ذى المعجزات ويقول: انه هو الذي أرسله اليكم. أنظر انه يُظهر خوارق عجيبة ومعجزات باهرة بحيث لا يدع شبهة في انه مُرسَلٌ خصيصاً من لدن السلطان العظيم. اِصغِ جيداً الى حديثه وكلامه، فجميع المخلوقات

(1) السفينة اشارة الى التأريخ، والجزيرة اشارة الى خير القرون وهو قرن السعادة النبوية. فاذا خلعنا ما ألبَسَنا الحضارةُ الدنيّة من ملابسَ على ساحل هذا العصر المظلم، والقينا أنفسنَا في بحر الزمان، وركبنا سفينة كُتب التاريخ والسيرة الشريفة ووصلنا الى ساحل جزيرة عصر السعادة والنور، وبلغنا الجزيرة العربية، وحظينا بالرسول الكريم y وهو يزاول مهمة النبوّة المقدسة، عند ذلك نعلم ان ذلك النبي y انما هو برهان باهر للتوحيد ودليل ساطع عليه بحيث نوّرَ سطح الأرض جميعاً، وأضاء وجهَي الزمان الماضي والمستقبل ومحا ظلمات الكفر والضلالة.ــ المؤلف.
(2) اشارة الى المعجزات التي أظهرها الرسول الكريم y وهي ثابتة عند أولى العلم والتحقيق. – المؤلف.

لايوجد صوت