قبض الأرواح).
فقال الله سبحانه وتعالى له بلسان الحكمة:
(ساضع بينَك وبين عبادي ستائرَ المصائب والأمراض لتتوجه شكاواهم الى تلك الأسباب).
وهكذا، تأمل! كما أن الأمراضَ ستائرُ يرجع اليها ما يُتوهّم من مساوئ في الأجَل، وكما أن الجمال الموجود في قبض الأرواح - وهو الحقيقة - يعود الى وظيفة عزرائيل عليه السلام، فان عزرائيل عليه السلام هو الآخر ستار، فهو ستار لأداء تلك الوظيفة وحجاب للقدرة الإلهية، اذ أصبح مرجِعاً لحالات تبدو ظاهراً انها غير ذات رحمة ولا تليق بكمال القدرة الربانية.
نعم، ان العزّة والعظمة تستدعيان وضع الأسباب الظاهرية امام نظر العقل، الاّ ان التوحيد والجلال يردّان أيدي الاسباب عن التأثير الحقيقي.
اللمعة الثانية
تأمل في بستان هذه الكائنات، وانظر الى جنان هذه الارض، وأنعم النظر في الوجه الجميل لهذه السماء المتلألئة بالنجوم. تَرَ أن للصانع الجليل جل جلاله ختماً خاصاً بمن هو صانع كل شئ على كل مصنوع من مصنوعاته، وعلامة خاصة بمن هو خالقُ كل شئ على كل مخلوق من مخلوقاته، وآية لا تقلَّد خاصة بسلطان الأزل والأبد على كل منشورٍ من كتابات قلم قدرته على صحائف الليل والنهار وصفحات الصيف والربيع.
سنذكر من تلك الاختام والعلامات بضعاً منها نموذجاً ليس الاّ، انظر مما لا يحصى من علاماته الى هذه العلامة التي وضعها على (الحياة):
(انه يخلق من شئ واحد كلَّ شئ، ويخلق من كلِّ شئ شيئاً واحداً). فمن ماء النطفة بل من ماء الشرب، يخلق ما لا يعد من أجهزة الحيوان واعضائه، فهذا العمل لاشك انه خاص بقدير مطلق