القدرة.
ثم ان تحويل الأطعمة المتنوعة - سواء الحيوانية أو النباتية - الى جسم خاص بنظام كامل دقيق، ونسج جلد خاص للكائن وأجهزة معينة من تلك المواد المتعددة لا شك أنه عمل قدير على كل شئ وعليم مطلق العلم.
نعم، ان خالق الموت والحياة يدير الحياة في هذه الدنيا، إدارة حكيمة بقانون أمري معجِز، بحيث لا يمكن أن يطبّق ذلك القانون وينفّذه الاّ مَن يصرّف جميع الكون في قبضته.
وهكذا إن لم تنطفىء جذوة عقلك ولم تفقد بصيرة قلبك فستفهم أنّ جعل الشئ الواحدِ كل شئ بسهولة مطلقة وانتظام كامل، وجعل كلَّ شئٍ شيئاً واحداً بميزانٍ دقيق وانتظام رائع وبمهارة وابداع، ليس الاّ علامة واضحة وآية بيّنة لخالق كل شئ وصانعه.
فلو رأيت - مثلاً - أن أحداً يملـك أعمالاً خارقة: ينســج من وزنِ درهــم من القطن مائة طَول من الصوف الخالص وأطوالاً من الحـــرير وانــواعا من الأقمشة، ورأيت أنه يُخرجِ علاوة على ذلك، من ذلك القطن حلويات لذيذة وأطعمة متنوعة كثيرة، ثم رأيت أنه يأخذ في قبضته الحديد والحجر والعسل والدهن والماء والتراب فيصنع منها الذهب الخالص، فستحكم حتماً أنه يملك مهارة معجِزة تخصّه وقدرة مهيمنة على التصرف في الموجودات، بحيث أن جميع عناصر الأرض مسخّرة بأمره، وجميع ما يتولد من التراب منفّذ لحكمه. فان تعجَبْ من هذا فان تجلي القدرة الإلهية وحكمتها في (الحياة) لهو أعجب من هذا المثال بألف مرّة.. فاليك علامة واحدة من علامات عديدة موضوعة على الحياة.
اللمعة الثالثة
أنظر الى (ذوي الحياة) المتجولة في خضم هذه الكائنات السيالة، وبين هذه الموجودات السيارة، تَرَ ان على كل كائن حيّ، أختاماً كثيرة، وضعها الحيُّ القيوم. أنظر الى ختم واحدٍ منها:
ان ذلك الكائن الحيّ - وليكن هذا الانسان - كأنه مثال مصغَّر