لصورة الشمس وختم لانعكاسها، وأثرٌُ نوراني خاص بها، فان لم تقبل ان تلك الشُميسات المشرقة على الأشياء غير المحدودة، هي انعكاسات نور الشمس وتجليها، فستضطر ان تقبل بوجود شمس بالأصالة في كل قطرة، وفي كل قطعة زجاجٍ معرّضة للضوء، وفي كل ذرة شفافة تقابل الضوء، مما يلزم ترديك في منتهى البلاهة ومنتهى الجنون!
وهكذا، فللّه سبحانه وهو نور السموات والارض تجليات نورانية، من حيث (الإحياء) وافاضة الحياة، فهو آية جلية وطغراء واضحة يضعها سبحانه على كل ذي حياة، بحيث لو افترض اجتماع جميع الأسباب واصبح كلُّ سبب فاعلاً مختارا فلن تستطيع منحَ حياةٍ لموجود. أي انها تعجز عجزاً مطلقاً عن أن تقلّد شيئاً الختم الرباني في الإحياء. ذلك لأن كل ذي حياة هـو بحدّ ذاتـه معجزةٌ من معجزات القدرة الإلهية، اذ هو على صورة نقطة مركزية (كالبؤرة) لتجليات الاسماء الحسنى، التي كل منها بمثابة شعاع من نوره ســبحانه. فلـو لم يُسنَد ما يــشاهَد علـى الكائن الحيّ من صنعةٍ بديعة في الصورة، وحكمةٍ بالغة في النظام وتجلٍّ باهر لسر الأحدية، الى الأحد الصمد جلّ جلالُه، للزم قبول قدرةٍ فاطرة مطلـقة غير متـناهية مستترة في كل ذي حياة، ووجود علمٍ محيط واسع فيه، مع ارادة مطلقة قادرة عـلى ادارة الـكون، بل يجب قبول وجود بقية الصفات التي تخص الخالق سبحانه في ذلك الكائن، حتى لو كان الكائن الحي ذبابة أو زهـرة! أي اعطاء صفات الألوهية الى كل ذرة من ذرات اي كائن! أي قبـول افتراضات محالة من أمثال هذه الافتراضات التي توجب السقوط الى أدنى بلاهات الضلالة وحماقات الخرافة! ذلك لأنه سبحانه وتعالى قد أعطى لذرات كل شئ - لا سيما اذا كانت من امثال البذرة والنواة - وضعاً معيناً، كأن تلك الذرة تنظر الى ذلك الكائن الحي كله - رغم أنها جزء منه - وتتخذ موقفاً معيناً وفق نظامه، بل تتخذ هيئة خاصة بما يفيد دوام ذلك النوع، وانتشاره ونصب رايته في كل مكان، وكأنها تتطلع الى جميع أنواع ذلك الكائن في الارض -