أي انه اذا ما انقطع الانتساب الى الله سبحانه وتعالى، ينبغي قبول وجود آلهة بعدد ذرات التراب!! وهذه خرافة مستحيلة في ألـف محال ومحـال. بينما الأمر يكون مستساغاً عقلاً وسهلاً ومقبولاً عندما تصبح كل ذرة مأمورة، اذ كما ان جندياً إعتيادياً لدى سلطان عظيم يستطيع - باسم السلطان واستناداً الى قوته - أن يقوم بتهجير مدينة عامرة من أهلها، أو يصل بين بحرين واسعين، أو يأسر قائداً عظيماً، كذلك تستطيع بعوضة صغيرة أن تطرح نمروداً عظيماً على الأرض، وتستطيع نملة بسيطة ان تدمّر صرح فرعون، وتستطيع بذرة تين صغيرة جداً ان تحمل شجرة التين الضخمة على ظهرها، كل ذلك بأمر سلطان الأزل والأبد وبفضل ذلك الانتساب.
وكما رأينا هذه النوافذ الثلاث المفتحة على نور التوحيد في كل ذرة ففيها ايضاً شاهدان صادقان آخران على وجود الصانع سبحانه وتعالى وعلى وحدانيته.
أولهما: هو حمل الذرة على كاهلها وظائف عظيمة جداً ومتنوعة جداً، مع عجزها المطلق.
والآخر: هو توافق حركاتها بانتظام تام وتناسقها مع النظام العام، حتى تبدو وكأن فيها شعوراً عاماً كلياً مع انها جماد.
أي أن كل ذرة تشهد بلسان عجزها على وجود القدير المطلق، وتشهد باظهارها الانسجام التام مع نظام الكون العام على وحدانية الخالق سبحانه وتعالى.
وكما ان في كل ذرة شاهدين على ان الله واجب الوجود وواحد، كذلك في كل (حي) له آيتان على أنه (أحد صمدٌ).
نعم! ففي كل حيّ هناك آيتان:
احداهما: آيةُ الأحدية.
والأخرى: آيةُ الصمدية.
لأن كل (حيّ) يُظهر تجليّات الأسماء الحسنى، المشاهَدة في أغلب الكائنات، يُظهرها دفعةً واحدة في مرآته، وكأنه نقطةٌ مركزية -