ولقد بيّن القرآن الكريم هذه الآية الساطعة في قوله تعالى:
﴿فانظُر الى آثارِ رَحْمَتِ الله كيفَ يُحيِي الأرضَ بَعْدَ مَوتها انّ ذلك لَمحيي الموتى وهو على كل شيءٍ قدير﴾(الروم:50).
نعم، ان قدرة الفاطر الحكيم التي أظهرت ثلاثمائة ألف نوع من نماذج الحشر في إحياء الأرض خلال بضعة أيام، لابَّد ان يكون حشرُ الانسان - لديها - سهلاً ويسيراً. إذ هل يصح أن يقال - مثلاً - لمن له خوارق بحيث يزيل جبلاً عظيماً باشارة منـه، أيستطـيع ان يزيـل هـذه الصخـرة العظـيمة التـي سدّت طـريقنا مـن هذا الوادي؟. ومثـِلَه كـذلــك لا يجـرأ ذو عقـل أن يـقول بصـيغة الاسـتبعاد للقـدير الحكـيم والكريم الرحيم الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام، والذي يملأهما ويفرغهما حيناً بعد حين: (كيف يستطيع أن يزيل طبقة التراب هذه التي علينا والتي سدت طريقنا المفروشة الى مستضافه الخالد؟).
فهذا مثالُ آيةٍ واحدة للتوحيد تَظهر على سطح الأرض في فصل الربيع والصيف! فتأمل اذن كيف يظهر ختمُ الواحدية بجلاء على تصريف الأمور في الربيع الهائل على سطح الارض وهو في منتهى الحكمة والبصر، ذلك لأن هذه الاجراءات المشاهَدة، هي في انتظام مطلق، وخلقة تامة، وصنعة كاملة بديعة، مع انها تجري في سعة مطلقة، ومع هذه السعة فهي تتم في سرعة مطلقة، ومع هذه السرعة فهي ترد في سخاء مطلق. ألا يوضح هذا أنه ختمٌ جلّي بحيث لا يمكن ان يمتلكه الاّ مَن يملك علماً غير متناهٍ وقدرة غير محدودة.
نعم، اننا نشاهد على سطح الأرض كافة، ان هناك خلقاً وتصرفاً وفعاليةً تجري في سعة مطلقة، ومع السعة تُنجَز في سرعة مطلقة، ومع السرعة والسعة يُشاهد سخاءٌ مطلق في تكثير الأفراد، ومع السخاء والسعة والسرعة تتضح سهولةٌ مطلقة في الأمر مع انتظامٍ مطلق وابداع في الصنعة وامتياز تام، رغم الاختلاط الشديد والامتزاج الكامل. ويُشاهد كذلك آثارٌ ثمينة جداً، ومصنوعاتٌ نفيسة