أحمر، وانه كذا وكذا..).
ومثل ذلك كل حرف من كتاب العالم الكبير هذا، يدل على ذاته بقدر جرمه (مادته) ويُظهِر نفسه بمقدار صورته، الاّ انه يعرّف اسماء البارىء المصوّر سبحانه بمقدار قصيدة، ويظهر تلك الأسماء الحسنى ويشير اليها بعدد أنواعه شاهداً على مسمّاه، لذا ينبغي ألا يزلّ الى انكار الخالق ذي الجلال حتى ذلك السوفسطائي الأحمق الذي ينكر نفسه وينكر الكون.
اللمعة السادسة
ان الخالق ذا الجلال كما وضع على جبين كل (فرد) من مخلوقاته وعلى جبهة كل (جزء) من مصنوعاته، آية أحديته (وقد رأيت قسماً منها في اللمعات السابقة)، فانه سبحانه قد وضع على كل (نوع) كثيراً من آية الأحدية بشكل ساطع لامع، وعلى كل (كلّ) عديداً من أختام الواحدية، بل وضع على مجموع العالم أنواعاً من طغراء الوحدة. واذا تأملنا ختماً واحداً، من تلك الاختام والعلامات العديدة الموضوعة على صحيفة سطح الأرض في موسم الربيع تبين لنا ما يأتي:
ان البارئ المصوّر سبحانه وتعالى قد حشر ونشر اكثر من ثلاثمائة ألف نوعٍ من النباتات والحيوانات على وجه الأرض في فصل الربيع والصيف بتمييز وتشخيص بالغين، وبانتظام وتفريق كاملين - رغم اختلاط الأنواع اختلاطاً كاملاً - فأظهر لنا اية واسعة ساطعة للتوحيد، واضحة وضوح الربيع. أي ان ايجاد ثلاثمائة ألف نموذج من نماذج الحشر بانتظام كامل عند إحياء الأرض الميتة في موسم الربيع، وكتابةَ الأفراد المتداخلة لثلاثمائة ألف نوع مختلف على صحيفة الأرض كتابةً دون خطأ ولا سهو ولا نقص، وفي منتهى التوازن والانتظام، وفي منتهى الاكتمال، لاشك أنه آية خاصة بمن هو قدير على كل شئ بيده ملكوت كل شئ، وبيده مقاليد كل شئ، وهو الحكيم العليم.
هذه الآية من الوضوح بحيث يدركها كل من له ذرة من شعور.