إمداد النباتات للحيوانات الجائعة، والى سعي الحيوانات لمساعدة الانسان الضعيف المكرم، بل الى وصول المواد الغذائية على جناح السرعة لاغاثة الأطفال النحاف، وامداد الفواكه اللطيفة. بل الى خِدمة ذرات الطعام لحاجة حجيرات الجسم... كل هذه الحركات الجارية وفق دستور (التعاون) تُري لمن لم يفقد بصيرته كلّياً انها تجري بقوةِ مربٍّ واحد كريم مطلق الكرم، وبأمر مدبّر واحد حكيم مطلق الحكمة.
فهذا التساند، وهذا التعاون، وهذا التجاوب، وهذا التعانق، وهذا التسخير، وهذا الانتظام، الجاري في هذا الكون، يشهد شهادة قاطعة، أن مدبراً واحداً هو الذي يديره، ومربياً احداً يسوق الجميع في الكون. زد عليه، فان الحكمة العامة الظاهرة بداهة في خلق الاشياء البديعة وما تتضمنه من عناية تامة وما في هذه العناية من رحمة واسعة وما على هذه الرحمة من ارزاق منثورة تفي بحاجة كل ذي حياة وتعيّشه وفق حاجاته... كل ذلك ختم عظيم للتوحيد له من الظهور والوضوح ما يفهمه كل مَن لم تنطفىء جذوة عقله، ويراه كل من لم يُعمَ بصرُه؟.
نعم، ان حُلّة (الحكمة) التي يتراءى منها القصد والشعور والارادة قد أسبغت على الكون كله وجُلّلت كل جوانبه. وخُلعَتْ على حلة الحكمة هذه حلّةُ (العناية) التي تشف عن اللّطف والتزيين والتحسين والاحسان، وعلى هذه الحلة القشيبة للعناية ألقيت حلّةُ (الرحمة) التي يتألق منها بريق التودد والتعرف والانعام والاكرام وهي تغمر الكون كله وتضمه. وصفَّت على هذه الحلّة المنوّرة للرحمة العامة (الارزاقٌُ العامة)، ومُدّت موائدها التي تعرض الترحم والاحسان والاكرام والرأفة الكاملة وحسن التربية ولطف الربوبية.
نعم، ان هذه الموجودات؛ ابتداءً من الذرات الى الشموس، سواءً أكانت أفراداً أم أنواعاً وسواءً أكانت صغيرة أم كبيرة، قد اُلبست ثوباً رائعاً جداً، نُسج هذا الثوب من قماش (الحكمة) المزيّن بنقوش الثمرات والنتائج والغايات والفوائد والمصالح.. وأكسيت بحلّةِ (العناية) المطرزة بأزاهير اللطف والاحسان قدّت وفصلت حسب