الكلمات | المقام الثاني | 392
(379-404)

جداً رغم الوفرة غير المحدودة، مع انسجام كامل في نطاق واسع جداً، ودقة الصنعة وبدائعها وروعتها وهي في منتهى السهولة واليسر. فايجاد كل هذا في آن واحد، وفي كل مكان، وبالطراز نفسه، وفي كل فرد، مع اظهار الصنعة الخارقة والفعالية المعجزة، لاشك مطلقاً انه برهان ساطع وختم يخص مَن لا يحدّه مكان، مثلما أنه في كل مكان، حاضر وناظر رقيب حسيب، ومَن لا يخفى عليه شئ مثلما انه لا يعجزه شئ. فخلق الذرات والنجوم سواء امام قدرته.
لقد أحصيتُ ذات يوم عناقيد ساق نحيفة لعنب متسلق - بغلظ اصبعين - تلك العناقيد التي هي معجزات الرحيم ذي الجمال في بستان كرمه. فكانت مائة وخمسة وخمسين عنقوداً. واحصيتُ حبّات عنقود واحد منها فكانت مائة وعشرين حبة. فتأملت وقلت: لو كانت هذه الساق الهزيلة خزانة ماء معسّل، وكانت تعطي ماءً باستمرار لما كانت تكفي أمام لفح الحرارة ما ترضعه لمئاتِ الحبات المملوءة من شراب سكر الرحمة. والحال أنها قد لا تنال الاّ رطوبة ضئيلة جداً، فيلزم ان يكون القائم بهذا العمل قادراً على كل شئ. فـ(سبحان من تَحيَّرُ في صنعه العقول).
 اللمعة السابعة
كما انك تتمكن من رؤية اختام الأحد الصمد سبحانه، المختومة بها صحيفة الأرض، وذلك بنظرة إمعان قليلة، فارفع رأسك وافتح عينيك، وألق نظرةً على كتاب الكون الكبير تَرَ أنه يقرأ على الكون كله، ختمَ الوحدة بوضوح تام، بقدر عظمته وسعته ذلك لأن هذه الموجودات كأجزاء معمل منتظم، وأركان قصر معظم، وأنحاء مدينة عامرة، كُّل جزءٍ ظهير للآخر، كل جزء يمدّ يد العون للآخر، ويجدّ في اسعاف حاجاته. والاجزاء جميعاً تسعى يداً بيد بانتظام تام في خدمة ذوي الحياة، متكاتفة متساندة متوجهة الى غاية معينة في طاعة مدبّر حكيمٍ واحدٍ.
نعم، ان دستور (التعاون) الجاري الظاهر ابتداءً من جري الشمس والقمر، وتعاقب الليل والنهار وترادف الشتاء والصيف.. الى

لايوجد صوت