الكلمات | المقام الثاني | 386
(379-404)

فتزود البذرة مثلاً بما يشبه جُنيحات لأجل الطيران والانتشار - ويتخذ ذلك الكائن الحيّ موقفاً يتعلق بجميع موجودات الأرض التي يحتاجها لأدامة حياته وتربيته ورزقه ومعاملاته. فان لم تكن تلك الذرة مأمورة من لدن قدير مطلق القدرة، وقُطِعت نسبتها من ذلك القدير المطلق، لزم ان يُعطى لها بصرٌ تبصر به جميع الأشياء، وشعورٌ يحيط بكل شئ!!.
حاصل الكلام: كما انه لو لم تُسنَد صُور الشميسات المشرقة وانعكاسات الألوان المختلفة في القطرات وقطع الزجاج الى ضوء الشمس، ينبغي عندئذٍ قبول شموس لا تحصى بدلاً من شمس واحدة. مما يقتضي التسليم بخرافة محالة، كذلك لو لم يُسند خلق كل شئ الى القدير المطلق، للزم قبول آلهة غير متناهية بل بعدد ذرات الكون بدلاً من الله الواحد الأحد سبحانه. أي قبول محال بدرجة مائة محال، أي ينبغي السقوط الى هذيان الجنون.
نخلص من هذا: ان هناك في كل ذرة ثلاثة شبابيك نافذة مفتّحة الى نور وحدانية الله جلّ جلاله والى وجوب وجوده سبحانه وتعالى:
 النافذة الاولى:
ان كل ذرة كالجندي، الذي له علاقة مع كل دائرة من الدوائر العسكرية أي مع رهطه وسرّيته وفوجه ولوائه وفرقته وجيشه، وله حسب تلك العلاقة وظيفة هناك، وله حسب تلك الوظيفة حركة خاصة ضمن نطاق نظامها. فالذرة الجامدة الصغيرة جداً، التي هي في بؤبؤ عينك لها علاقة معينة ووظيفة خاصة، في عينك ورأسك وجسمك، وفي القوى المولدة والجاذبة والدافعة والمصّورة وفي الأوردة والشرايين والأعصاب، بل لها علاقة حتى مع نوع الانسان.
فوجود هذه العلاقات والوظائف للذرة، يدلّ بداهة - لذوي البصائر - على ان الذرة انّما هي أثرٌ من صنعِ القدير المطلق، وهي مأمورة موظّفة تحت تصرفه سبحانه وتعالى.
 النافذة الثانية:

لايوجد صوت