الكلمات | المقام الثاني | 397
(379-404)

اللمعة العاشرة
كما ان الحياة التي تُظهر تجلي الجمال الرباني هي برهان الأحدية، بل هي نوع من تجلي الوحدة، فالموت الذي يُظهر تجلي الجلال الإلهي هو الآخر برهان الواحدية.
فمثلاً: ان الفقاعات والزبد والحباب المواجهة للشمس، والتي تنساب متألقة على سطح نهرٍ عظيم، والمواد الشفافة المتلمعة على سطح الأرض، شواهدٌ على وجود تلك الشمس، وذلك باراءتها صورة الشمس وعكسها لضوئها. فدوامُ تجلي الشمس ببهاء مع غروب تلك القطرات وزوال لمعان المواد، واستمرار ذلك التجلي دون نقص على القطرات والمواد الشفافة المقبلة مجدداً، لهي شهادة قاطعة على ان تلك الشُميسات المثالية، وتلك الأضواء المنعكسة، وتلك الأنوار المشاهدة التي تنطفئ وتضئ وتتغير وتتبدل متجدّدةً، انما هي تجليات شمسٍ باقية، دائمةٍ، عالية، واحدةٍ لا زوال لها. فتلك القطرات اللماعة اذن بظهورها وبمجيئها تدل على وجود الشمس وعلى دوامها ووحدتها.
وعلى غرار هذا المثال (ولله المثل الأعلى) نجد أن:
هذه الموجودات السيالة اذ تشهد بوجودها وحياتها على وجوب وجود الخالق سبحانه وتعالى، وعلى أحديته فانها تشهد بزوالها وموتها أيضاً على وجود الخالق سبحانه وعلى أزليته وسرمديته وأحديته.
نعم، ان تجدد المصنوعات الجميلة وتبدّل المخلوقات اللطيفة، ضمن الغروب والشروق وباختلاف الليل والنهار، وبتحول الشتاء والصيف، وتبدل العصور والدهور، كما انها تشهد على وجود ذي جمال سرمدي رفيع الدرجات دائم التجلي، وعلى بقائه سبحانه ووحدته، فان موت تلك المصنوعات وزوالها - باسبابها الظاهرة - يبيّن تفاهة تلك الاسباب وعجزها، وكونها ستاراً وحجاباً ليس إلاّ.. فيثُبت لنا هذا الوضع - اثباتاً قاطعاً - ان هذه الخِلقة والصَنعة، وهذه

لايوجد صوت