الكلمات | المقام الثاني | 398
(379-404)

النقوش والتجليات انما هي مصنوعاتٌ ومخلوقاتٌ متجددةٌ للخالق جل جلاله الذي جميع أسمائه حُسنى مقدّسة، بل هي نقوشه المتحولة، ومراياه المتحركة وآياته المتعاقبة، وأختامه المتبدلة بحكمة.
الخلاصة: ان كتاب الكون الكبير هذا اذ تعلّمنا آياته التكوينية الدالة على وجوده سبحانه وعلى وحدانيته، يشهد كذلك على جميع صفات الكمال والجمال والجلال للذات الجليلة. ويثبت أيضاً كمال ذاته الجليلة المبرأة من كل نقص، والمنزّهة عن كل قصور. ذلك لأن ظهور الكمال في أثرٍ ما، يدل على كمال الفعل الذي هو مصدره، كما هو بديهي، وكمال الفعل هذا يدلّ على كمال الأسم، وكمال الأسم يدل على كمال الصفات، وكمال الصفات يدل على كمال الشأن الذاتي، وكمال الشأن الذاتي يدل على كمال الذات - ذات الشؤون - حَدساً وضرورة وبداهة.
فمثلاً: ان النقوش المتقنة والتزيينات البديعة لقصر كامل رائع، تدل على ما وراءها من كمال الأفعال التامة لبنّاء ماهر خبير.. وان كمال تلك الأفعال واتقانها ينطق بتكامل الأسماء لرتب وعناوين ذلك البنّاء الفاعل.. وتكامل الأسماء والعناوين يُفصح عن تكامل صفاتٍِ لا تحصى لذلك الصانع من جهة صنعته وتكامل تلك الصفات وابداع الصنعة يشهدان على تكامل قابليات ذلك الصانع وإستعداداته الذاتية المسماة بالشؤون. وتكامل تلك الشؤون والقابليات الذاتية تدل على تكامل ماهية ذات الصانع.
وهكذا الأمر في الصنعة المبدعة المبرّأة من النقص والفطور في الآثار المشهودة في العالم، وفي هذه الموجودات المنتظمة في الكون، التي لفتت اليها الأنظار الآية الكريمة: ﴿هَل تَرى مِن فُطُور﴾(الملك:3)، فهي تدل بالمشاهدة على كمال الأفعال لمؤثرٍ ذي قدرة مطلقة، وكمال الأفعال ذاك يدل بالبداهة على كمال أسماء الفاعل ذي الجلال، وذلك الكمال يدل ويشهد بالضرورة على كمالِ صفاتِ مسمّى ذي جمال لتلك الأسماء، وكمال الصفات ذاك يدل ويشهد يقيناً على كمال

لايوجد صوت