الكلمات | الكلمة الخامسة والعشرون | 503
(487-598)

تشاءُ وتذّل من تشاء بيدك الخيرُ انَّكَ على كل شئٍ قدير  تولجُ الَّيلَ في النهار وتولج النهار في الّيل وتُخرجُ الحيَّ مِن الميتِ وتخرجُ الميتَ من الحيِّ وترزقُ مَن تشاءُ بغيرِ حِسابٍ﴾(آل عمران: 26ـ27)
هذه الآية تبين باسلوب عالٍ رفيع: ما في بني الانسان من شؤون إلهية، وما في تعاقب الليل والنهار من تجليات إلهية، وما في فصول السنة من تصرفات ربانية، وما في الحياة والممات والحشر والنشر الدنيوي على وجه الارض من اجراءات ربانية.. هذا الاسلوب عالٍ وبديع الى حد يسخّر عقول اهل النظر. وحيث أن هذا الاسلوب العالي ساطع يمكن رؤيته بأدنى نظر فلا نفتح الآن هذا الكنز.
 ومثلاً:
﴿اذا السماءُ انشقّت  واَذِنَتْ لربِّها وحُقّت واذا الارضُ مُدّتوألقتْ ما فيها وتخلّت وأذنتْ لربها وحُقت﴾(سورة الانشقاق: 1ـ5)
تبين هذه الايات مدى انقياد السموات والارض وامتثالهما أوامر الله سبحانه، تبينها باسلوب عالٍ رفيع؛ اذ كما ان قائداً عظيماً يؤسس دائرتين عسكريتين لأنجاز متطلبات الجهاد؛ كشُعَب المناورة والجهاد، وشُعَب التجنيد والسَوق الى الجهاد، وانه حالما ينتهي وقت الجهاد والمناورة يتوجه الى تينك الدائرتين ليستعملهما في شؤون اخرى، فقد انتهت مهمتهما. فكأن كلاً من الدائرتين تقول بلسان موظفيها وخدّامها أو بلسانها لو أُنطقت:
( يا قائدى أمهلنا قليلاً كي نهئَ اوضاعنا ونطهّر المكان من بقايا اعمالنا القديمة ونطرحها خارجاً.. ثم شرِّف وتفضَّل علينا!) وبعد ذلك تقول: ( فها قد ألقيناها خارجاً، فنحن طوع امرك، فافعل ما تشاء فنحن منقادون لأمرك. فما تفعله حق وجميل وخير) .
فكذلك السموات والارض دائرتان فتحتا للتكليف والامتحان، فعندما تنقضي المدة، تخلّي السموات والأرض باذن الله ما يعود إلى دائرة التكليف، ويقولان: يا ربنا استخدمنا فيما تريد، فالامتثال حق

لايوجد صوت