الكلمات | الكلمة الخامسة والعشرون | 505
(487-598)

وشاملة مع جميع نتائجها وحقائقها.
فقس قطرات هذا البحر الاخرى على هذه القطرة.
والان انظر الى الاسلوب الذي يريه(القرآن) من نوافذ الكلمات:فمثلاً الى كلمة ( كالعرجون القديم) في الآية الكريمة :﴿والقمرَ قدّرناهُ منازلَ حتى عادَ كالعرجونِ القديم﴾(يس:39) كيف تعرض اسلوباً في غاية اللطف، وذلك:
ان للقمر منزلاً هو دائرة الثريا. حينما يكون القمر هلالاً فيه يشبه عرجوناً قديماً ابيض اللون. فتضع الآية بهذا التشبيه امام عين خيال السامع، كأن وراء ستار الخضراء(1) شجرة شق احدُ اغصانها النورانية المدببة البيضاء ذلك الستار ومدّ رأسه الى الخارج، والثريا كأنها عنقود معلق فيه. وسائر النجوم كالثمرات النورانية لشجرة الخلقة المستورة. ولا جرم فان عرض الهلال بهذا التشبيه لاولئك الذين مصدر عيشهم ومعظم قوتهم من النخيل هو اسلوب في غاية الحُسن واللطافة وفي منتهى التناسق والعلو. فإن كنت صاحب ذوق تدرك ذلك.
 ومثلاً:
كلمة (تجري) في الآية الكريمة ﴿والشمس تجري لمستقر لها﴾(يس:38) تفتح نافذة لاسلوب عالٍ - كما اثبت في ختام الكلمة التاسعة عشرة - وذلك:
ان لفظ (تجري) الذي يعنى دوران الشمس، يفهّم عظمة الصانع الجليل بتذكيره تصرفات القدرة الإلهية المنتظمة في دوران الصيف والشتاء وتعاقب الليل والنهار، ويلفت الانظار الى المكتوبات الصمدانية التي كتبها قلم القدرة الإلهية في صحائف الفصول، فيعلّم حكمة الخالق ذي الجلال. 
(1) الخضراء: السماء لخضرتها (سوادها) صفة غلبت الاسماء وفي الحديث ما اظلت الخضراء ولا اقلت الغبراء أصدق لهجة من أبي ذر (لسان العرب). - المترجم

لايوجد صوت