الكلمات | الكلمة الخامسة والعشرون | 563
(487-598)

يذكر القرآن في هذه الآيات ما في خلق السموات والارض من تجلي سلطنة الالوهية الذي يُظهر تجلي كمال قدرته سبحانه وعظمة ربوبيته، ويَشهد على وحدانيته.. ويذكر تجلي الربوبية في اختلاف الليل والنهار، وتجلي الرحمة بتسخير السفينة وجريانها في البحر التي هي من الوسائل العظمى للحياة الاجتماعية، وتجلي عظمة القدرة في انزال الماء الباعث على الحياة من السماء الى الارض الميتة واحيائها مع طوائفها التي تزيد على مئات الآلاف، وجعلها في صورة معرض للعجائب والغرائب.. كما يذكر تجلي الرحمة والقدرة في خلق ما لا يحد من الحيوانات المختلفة من تراب بسيط.. كما يذكر تجلي الرحمة والحكمة من توظيف الرياح بوظائف جليلة كتلقيح النباتات وتنفسها، وجعلها صالحة في ترديد انفاس الأحياء بتحريكها وادارتها.. كما يذكر تجلي الربوبية في تسخير السحب وجمعها وتفريقها وهي معلقة بين السماء والارض كأنها جنود منصاعون للاوامر يتفرقون للراحة ثم يجّمعون لتلقي الاوامر في عرض عظيم.
وهكذا بعد سرد منسوجات الصنعة الإلهية يسوق العقل الى اكتناه حقائقها تفصيلاً فيقول: ﴿لاياتٍ لقوم يعقلون﴾ آخذاً بزمام العقل الى التدبر موقظاً اياه الى التفكر.
 مزيّة الجزالة الثالثة:
ان القرآن الكريم قد يذكر افعال الله سبحانه بالتفصيل ثم بعد ذلك يوجزها ويجملها بخلاصة، فهو بتفصيلها يورث القناعة والاطمئنان وبايجازها واجمالها يسهّل حفظها وتقييدها. فمثلاً:
﴿وكذلك يَجتَبيك ربُّك ويعلّمك من تأويل الاحاديث ويُتم نعمته عليك وعلى آل يعقوب كما اتمها على أبَويك من قبلُ ابراهيم واسحق ان ربك عليمٌ حكيمٌ﴾(يوسف:6)
يشير بهذه الآية الى النعم التي انعمها الله على سيدنا يوسف وعلى آبائه من قبل، فيقول: ان الله تعالى هو الذي اصطفاكم من بنى آدم لمقام النبوة وجعل سلسلة جميع الانبياء مرتبطة بسلسلتكم وسوّدها على سائر سلاسل بني البشر، كما جعل اسرتكم موضع تعليم وهداية،

لايوجد صوت