الكلمات | الكلمة الخامسة والعشرون | 566
(487-598)

ان القرآن قد يذكر الجزئيات المادية المعرّضة للتغير والتي تكون مناط مختلف الكيفيات والاحوال، ثم لأجل تحويلها الى حقائق ثابتة يقيدها ويُجْمِلها بالاسماء الإلهية التي هي نورانية وكلية وثابتة. أو يأتي بخلاصة تسوق العقل الى التفكر والاعتبار.
ومن امثلة المعنى الاول:
﴿وعلّم ادمَ الاسماءَ كلّها ثم عرضهم على الملائكةِ فقال أنبئوني باسماء هؤلاء إن كنتم صادقين قالوا سُبْحَانَكَ لاَ عِلْمَ لَنَا اِلاّ ما عَلَّمْتَنا اِنَّكَ اَنْتَ الْعَليمُ الْحَكيم﴾(البقرة:31 - 32)
هذه الآية تذكر اولاً حادثة جزئية هي: ان سبب تفضيل آدم في الخلافة على الملائكة هو (العلم) ومن بعد ذلك تذكر حادثة مغلوبية الملائكة امام سيدنا آدم في قضية العلم، ثم تعقب ذلك باجمال هاتين الحادثتين بذكر اسمين كليين من الاسماء الحسنى ﴿انت العليم الحكيم﴾ بمعنى ان الملائكة يقولون: انت العليم يارب فعلّمتَ آدم فغلبنا وانت الحكيم فتمنحنا كل ما هو ملائم لإستعدادنا، وتفضّله علينا باستعداداته.
ومن امثلة المعنى الثاني:
﴿وإنّ لكم في الأنعام لعبرةً نسقيكُم مما في بطونه من بين فرثٍ ودمٍ لَبَنًا خالصاً سائغاً للشاربين ومن ثمرات النخيل والاعناب تتخذون منه سَكرَاً ورزقاً حسناً ان في ذلك لاية لقومٍ يعقلون واوحى ربُّك الى النحل ان اتخذي من الجبال بيوتاً ومن الشجر ومما يَعرشُون ثم كلي من كل الثمرات فاسلكي سُبُلَ ربّكِ ذُلُلاً يخرج من بطونها شراب مختلفٌ الوانهُ فيه شفاءٌ للناس ان في ذلك لاية لقومٍ يتفكرون﴾(النحل:66ــ69)
تعرض هذه الآيات الكريمة ان الله تعالى جعل الشاة، والمعزى، والبقر، والابل وامثالها من المخلوقات ينابيع خالصة زكية لذيذة تدفق الحليب، وجعل سبحانه العنب والتمر وأمثالهما أطباقاً من النعمة

لايوجد صوت