وهكذا فهذه الكلمة تصرخ في اذن الانس والجن الفانين وتقول:
بشراكم.. الموت ليس اعداماً، ولا عبثاً ولا سدى ولا انقراضاً، ولا انطفاءً، ولا فراقاً ابدياً .. كلا فالموت ليس عدماً، ولا مصادفة، ولا انعداماً ذاتيا بلا فاعل.. بل هو تسريح من لدن فعال حكيم رحيم، وتبديل مكان، وتغيير مقام، وسَوق نحو السعادة الخالدة.. حيث الوطن الأصلي.. أي هو باب وصال لعالم البرزخ.. عالم يجمع تسعةً وتسعين بالمائة من الاحباب.
الكلمة الثامنة: [وهو حي لا يموت]
اي: ان الكمال والحسن والاحسان الظاهر في الموجودات وسيلةً للمحبة.. يتجلى بما لا يمكن وصفه وبما لا يحده حدود وفوق الدرجات العلى من مالك الجمال والكمال والاحسان، فومضةٌ من تجليات جماله سبحانه تعادل جميع محبوبات الدنيا باسرها.. هذا الإله المحبوب المعبود له حياة أبدية دائمة منزهة عن كل شوائب الزوال وظلال الفناء، مبرأة عن كل عوارض النقص والقصور.
اذن فهذه الكلمة تعلن للملأ جميعاً من الجن والانس وارباب المشاعر والفطنة وأهل العشق والمحبة وتقول:
اليكم البشرى.. اليكم نسمة أمل وخير، ان لكم محبوباً ازلياً باقياً، يداوي الجروح المتمخضة من لوعة الفراق الابدي لمحبوبتكم الدنيوية ويمسها ببلسمه الشافي بمرهم رحمته. فما دام هو موجوداً، وما دام هو باقياً فكل شئ يهون.. فلا تقلقوا ولا تبتئسوا. فان الحسن والاحسان والكمال الذي جعلكم مشغوفين باحبائكم ليس الاّ لمحة من ظل ضعيف انشق عن ظلال الحجب والاستار الكثيرة جداً لتجلٍ واحدٍ من تجليات جمال ذلك المحبوب الباقي. فلا يعذبنكم زوال اولئك وفراقهم، لانهم جميعاً ليسوا الاّ نوعاً من مرايا عاكسة، وتبديل المرايا وتغييرها يجدد ويجمّل انعكاسات تجلي الجمال وشعشعته الباهرة، فما دام هو موجوداً، فكل شئ موجود اذن.
الكلمة التاسعة: [بيده الخير]