ﺍﻠﻤﻜﺘﻭﺒﺎﺕ | المبحث الثالث | 461
(460-469)

وكذلك الامر في المجتمع الاسلامي الشبيه بالجيش العظيم، فقد قُسّم الى قبائل وطوائف، مع ان لهم ألف جهة وجهة من جهات الوحدة ؛ اذ خالقهم واحد، ورازقهم واحد، ورسولهم واحد، وقبلتهم واحدة، وكتابهم واحد، ووطنهم واحد.. وهكذا واحد، واحد.. الى الألوف من جهات الوحدة التي تقتضي الاخوة والمحبة والوحدة. بمعنى ان الانقسام الى طوائف وقبائل - كما تعلنه الآية الكريمة - ماهو الاّ للتعارف والتعاون لا للتناكر والتخاصم.
 المسألة الثالثة: لقد انتشر الفكر القومي وترسّخ في هذا العصر. ويثير ظالمو اوروبا الماكرون بخاصة هذا الفكر بشكله السلبي في اوساط المسلمين ليمزقوهم ويسهل لهم ابتلاعهم. ولما كان في الفكر القومي ذوق للنفس، ولذة تُغفل، وقوة مشؤومة، فلايقال للمشتغلين بالحياة الاجتماعية في هذا الوقت: دعوا القومية!
ولكن القومية نفسها على قسمين:
قسم منها سلبي مشؤوم مضر، يتربى وينمو بابتلاع الآخرين ويدوم بعداوة من سواه، ويتصرف بحذر. وهذا يولد المخاصمة والنزاع. ولهذا ورد في الحديث الشريف (أن الاسلام يجبّ ما قبله) ويرفض العصبية الجاهلية. وامر القرآن الكريم بـ ﴿إذ جعل الذين كفروا في قلوبهم الحمية حمية الجاهلية فانزلَ الله سكينتهُ على رسولهِ وعلى المؤمنين وألزمهم كلمةَ التقوى وكانوا أحق بها وأهلها وكان الله بكل شيء عليماً﴾(الفتح:26). فهذه الآية الكريمة والحديث الشريف يرفضان رفضاً قاطعاً القومية السلبية وفكر العنصرية.لان الغيرة الاسلامية الايجابية المقدسة لاتدع حاجة اليها.
تُرى أيّ عنصر في العالم تعداده ثلاثمائة وخمسون مليوناً ويُكسب فكر المرء - بدل الاسلام - هذا العدد من الاخوان، بل اخواناً خالدين؟

لايوجد صوت