حرصاً شديداً وطمعاً هائلاً وترتبط بعلاقة حميمة ومحبة عارمة معها، وتشد قبضتها على كل ما هو لذيذ ومفيد، ومن ثم تنسى خالقها الذي يربيّها بكمال الشفقة والرأفة فتهوي في هاوية الاخلاق الردئية ناسية عاقبة أمرها وعقبى حياتها وحياة اُخراها.
ولكن صوم رمضان يُشعر أشد الناس غفلة وأعتاهم تمرداً بضعفهم وعجزهم وفقرهم، فبوساطة الجوع يفكر كلُّ منهم في نفسه وفي معدته الخاوية ويدرك الحاجة التي في معدته فيتذكر مدى ضعفه، ومدى حاجته الى الرحمة الإلهية ورأفتها، فيشعر في أعماقه توقاً الى طرق بابِ المغفرة الربانية بعجز كامل وفقر ظاهرمتخلياً عن فرعنة النفس متهيئاً بذلك لطرقِ باب الرحمة الإلهية بيد الشكر المعنوي (ان لم تفسد الغفلة بصيرته).
النكتة السادسة: ان من الحكم الوفيرة في صيام رمضان المبارك من حيث توجهه الى نزول القرآن الكريم ومن حيث أن شهر رمضان هو أهم زمان لنزوله، نورد حكمة واحدة فقط هي:
لما كان القرآن الكريم قد نزل في شهر رمضان المبارك فلابد من التجرد عن الحاجيات الدنيئة للنفس، ونبذ سفساف الامور وترهاتها استعداداً للقيام باستقبال ذلك الخطاب السماوي استقبالاً طيباً يليق به، وذلك باستحضار وقت نزوله في هذا الشهر والتشبه بحالات روحانية ملائكية؛ بترك الاكل والشرب، والقيام بتلاوة ذلك القرآن الكريم تلاوةً كأن الآيات تتنزل مجدداً ، والاصغاء اليه بهذا الشعور بخشوع كامل، والاستماع الى ما فيه من الخطاب الإلهي للسمو الى نيل مقام رفيع وحالة روحية سامية، كأن القارئ يسمعه من ا لرسول الاكرمy ، بل شد السمع اليه كأنه يسمعه من جبريل عليه السلام، بل من المتكلم الازلي سبحانه وتعالى، ثم القيام بتبليغ القرآن الكريم وتلاوته للآخرين تبياناً لحكمة من حكم نزوله.
ان العالم الاسلامي في رمضان المبارك يتحول الى ما يشبه