ﺍﻠﻤﻜﺘﻭﺒﺎﺕ | القسم الثالث | 604
(603-609)

بمعنى ان كل واحد منهم قد رأى وجهاً من وجوه الاعجاز.
نعم؛ ان جمال جلوات الاعجاز يختلف باختلاف المشارب، اذ الاعجاز الذي يفهمه وليّ من العارفين يختلف عن الاعجاز الذي يشاهده ولي غارق في العشق الإلهي. وان وجه الاعجاز الذي يشاهده إمام من أئمة أصول الدين غير الوجه الذي يشاهده مجتهد في فروع الشريعة.. وهكذا.
ولما كنت لاأقدر على الايضاح المفصل لكل وجه من تلك الوجوه المختلفة، لقصر نظري عن رؤيتها، وضيق ذهني عن استيعابها، فقد اُوضحت عشر طبقات منها فقط. فاكتفيت بالاشارة المجملة الى بقيتها. ولكن ظلت في حينه طبقتان منها في (المعجزات الاحمدية) بحاجة الى مزيد من التوضيح، فالآن نوضحهما:
الطبقة الاولى: وهم الذين يدركون الاعجاز باسماعهم، اذ الشخص العامي ـ من عوام الناس ـ لايستمع للقرآن إلاّ بأذنه، ولايفهم اعجازه إلاّ بالسمع. أي انه يقول:
ان هذا القرآن الذي أسمعه لايشبه أي كتاب آخر. فإما أنه فوق جميعها او تحت جميعها. وهذا الأخير لايستطيع ان يقول به أحد قط، ولم يقله، بل حتى الشيطان نفسه لايستطيع ان يتفوه به. فهو إذن فوق الجميع. وقد جاء بهذا الاجمال في (الاشارة الثامنة عشرة). ثم وضح هذا الاجمال في (المبحث الاول) من (المكتوب السادس والعشرين) المعروف بـ(حجة القرآن على حزب الشيطان) الذي يصور فهم تلك الطبقة من الاعجاز ويثبته.
الطبقة الثانية: وهم الذين لايرون الاعجاز إلاّ بالعين، أي أن للقرآن الكريم اشارة اعجازية تشاهد بالعين، حتى من قبل عوام الناس والماديين الذين سالت عقولهم الى عيونهم فلايؤمنون إلاّ بما يشاهدون. وقد اُدعيّ هذا الإدّعاء في (الاشارة الثامنة عشرة). وكان من الضروري ان يوضح أكثر لاثبات تلك الدعوى، ولكن لم يسمح

لايوجد صوت