عليه السلام، رغم شدة ظهوره وكثرته والألفة به، ولم تنكشف حقيقته الصائبة لعقل البشر لحدّ الآن بجلاء.
والحياة نزيهـة نقية بحيث أن وجهيها - الـمُلك والملكوت - صافيان وشفافان؛ اذ ان يد القدرة تباشر اعمالها فيها دون وضع لستار الأسباب، في حين أنها جعلت الأسباب الظاهرية حجاباً لتصرفها في سائر الأمور الأخرى، كي تكون منشأ للأمور الخسيسة وللكيفيات غير النزيهة التي تنافي عزة القدرة في ظاهر الأمر.
والخلاصة: يمكن القول: ان لم تكن هناك حياة فالوجود ليس بوجود، ولا يختلف عن العدم، فالحياة ضياء الروح والشعور نور الحياة.
ولما كانت الحياة والشعور لهما هذه الأهمية، وما دمنا نشاهد كل هذا النظام المتقن في هذا العالم، ونرى هذه الدقة والاتقان والإحكام التام والانسجام الكامل في الكون، وما دامت كرتنا الأرضية - وهي كذرة بالنسبة الى الكون - تزخر بما لا يعدّ ولا يحصى من ذوي الارواح وذوي المشاعر والادراك، فلابد ان يحكم بحدس صادق ويقرر بيقين قاطع:
ان جوانب هذه القصور السماوية والبروج الشاهقة تدّب فيها سكنة من الأحياء وذوي المشاعر بما يلائمها ويتجاوب معها، اذ كما ان السمك يعيش في الماء، كذلك من الممكن أن يوجد سكنة نورانيون في لهيب الشمس ممن يتلاءمون معها، لأن النار لا تحرق النور بل تمدّه وتديمه.
وما دامت القدرة الإلهية تخلق أحياءً وذوي أرواح لا تعدّ ولا تحصى من مواد عادية جداً، بل من اكثف العناصر، وتبدّل المادة الكثيفة الغليظة بالحياة الى مادة لطيفة بكل عناية واتقان، وتنشر نور الحياة في كل شئ بغزارة، وترصّع اغلب الأشياء بضياء الشعور، فلابد أن ذلك القدير الحكيم لن يهمل بقدرته الكاملة، وبحكمته التامة النور والاثير وامثالهما من السيالات اللطيفة والقريبة بل الملائمة للروح دون حياة، ولن يتركه جامداً ولن يدعه دون شعور، وانما