الكلمات | الكلمة التاسعة والعشرون | 696
(688-734)

لقد ثبت بالتجربة أن المادة ليست أساساً وأصلاً ليبقى الوجود مسخّراً من أجلها وتابعاً لها، بل هي قائمة بـ(معنى)، وهذا المعنى هو الحياة.. هو الروح..
وترينا المشاهدة والملاحظة كذلك ان المادة لا تكون مطاعة حتى يُرجّع اليها كل شئ، وانما هي وسيلة مطيعة خادمة لإكمال حقيقة معينة.. هذه الحقيقة هي الحياة.. وأساسها.. هو الروح.
ومن البديهي ان المادة ليست هي الحاكمة حتى يُستجدى على بابها وتطلب أو تنتظر منها الكمالات والـمُثُل. بل هي محكومة تسير وفق أساس معيّن وتتحرك باشارته.. هذا الأساس هو الحياة.. هو الروح، هو الشعور..
وتقتضي الضرورة كذلك ان لا ترتبط بالمادة الأعمال والـمُثُل ولاتُبنى على ضوئها، اذ انها ليست لبّاً ولا أصلاً ولا أساساً ولا ثابتاً مستقراً، وانما هي قشرة وغلاف وزَبَد وصورة مهيأة للتشقّق والذوبان والتمزق.
ألا يُشاهَد كيف أن الحيوانات الدقيقة التي لا يمكن رؤيتها بالعين المجردة تملك احساسات حادة وقوية حتى أنها تسمع همسات بنى جنسها وترى مواد رزقهم!!. ان هذا يبيّن لنا بوضوح:
ان المادة كلّما صغرت ودقت ازداد انطباع ملامح الحياة وآثارها عليها، واشتدّ نور الروح فيها، أي ان المادة كلما دقت وابتعدت عن مادّيتنا كأنها تقترب اكثر من عالم الروح، وعالم الحياة، وعالم الشعور، فيتجلّى نور الحياة وحرارة الروح بشدّة اكثر..
فهل من الممكن ان يترشح كل ما نرى من ترشحات الحياة والمشاعر والروح وتنساب رقراقة من أغطية المادّة، ولا يكون العالم الباطن الكائن تحت ستار المادة مملوءاً بذوي المشاعر وبذوي الارواح؟ وهل من الممكن ان يرجع الى المادة ويسند اليها والى حركتها كل ما في عالم الشهادة من ترشحات غير محدودة للمعاني والروح والحقيقة ومنابع لمعاتها وثمراتها، وتتوضح بها وحدها!؟..

لايوجد صوت