الكلمات | الكلمة التاسعة والعشرون | 697
(688-734)

كلاّ ثم كلاّ.. بل ان هذه المظاهر غير المحدودة المترشحة، ولمعاتها تظهر لنا ان عالم الشهادة المادي هذا انما هو ستار منقش مزركش ملقىً على عالم الملكوت والارواح.

الأساس الثاني
يمكن القول بأن هناك اجماعاً ضمنياً - مع تباين التعبير - على وجود حقيقة الملائكة وثبوت العالم الروحاني بين أهل العقل والنقل كافةً سواءً علموا أم لم يعلَموا.. فلم ينكر (معنى) الملائكة حتى المشّاؤون من الفلاسفة الاشراقيين الذين أوغلوا في الماديات؛ اذ عبّروا عن (معنى) الملائكة بقولهم: (ان هناك ماهية مجردة روحية لكل نوع). والآخرون من الاشراقيين عندما اضطروا لقبول معنى الملائكة أطلقوا عليهم خطأً: (العقول العشرة وأرباب الأنواع).
ومن المعلوم ان جميع اهل الأديان مؤمنون ان لكل نوع من أنواع الموجودات مَلَكاً موكّلاً به يستهلم من الوحي الإلهي وارشاده، فيعبّرون عنهم بأسماء: ملك الجبال، ومَلك البحار، ومَلَك الامطار..
وحتى المادّيون والطبيعيون - الذين تحدّرت عقولهم الى عيونهم - والمتجردون معنوياً من الانسانية، الساقطون الى درجة الجمادات، لم يسعهم إنكار (معنى) الملائكة وحقيقة الروح. فأطلقوا على القوى الجارية في نواميس الفطرة اسم (القوى السارية) فكان هذا تصديقاً اضطرارياً منهم - ولو بصورة مشوّهة - لمعنى الملائكة.
فيا أيها الانسان المسكين المتردد في قبول وجود الملائكة والعالم الروحاني. علاَمَ تستند؟ وبأيّ حقيقة تفتخر؟ حتى تواجه ما اتفق عليه جميع أهل العقل - سواءً علموا أم لم يعلموا - من ثبوت معنى وحقيقة وجود الملائكة وتحقق العالم الروحاني؟
فما دامت الحياة - كما أثبتنا في الأساس الأول - كشافة للموجودات بل نتيجتها وزبدتها.. وان جميع أهل العقل قد اتفقوا ضمنياً - وإن اختلفوا في التعبير - على معنى الملائكة.. وأن أرضنا

لايوجد صوت