هي رؤية جمال الله سبحانه وتعالى.. فكما حظي بها y فقد أتى: بأنه يمكن لكل مؤمن ان يحظى بتلك الثمرة الباقية ايضاً. فأهدى بهذا هدية عظيمة للجن والانس. ولعلك تتمكن ان تقدّر مدى اللذة الكامنة في تلك الثمرة المهداة ومدى حلاوتها وجمالها ونفاستها من خلال هذا المثال:
ان كل من يحمل قلباً حياً، لا شك انه يحب من كان ذا جمال وكمال وإحسان، وهذه المحبة تتزايد وفق درجات ذلك الجمال والكمال والاحسان، حتى تبلغ درجة العشق والتعبد. فيضحي صاحبها بما يملك في سبيل رؤية ذلك الجمال، بل قد يضحي بدنياه كلها لأجل رؤيته مرة واحدة. واذا علمنا ان نسبة ما في الموجودات من جمال وكمال واحسان الى جماله وكماله واحسانه سبحانه وتعالى لا يبلغ ان يكون لُميعات ضئيلة بالنسبة للشمس الساطعة. فاذن تستطيع ان تدرك - ان كنت انساناً حقاً - مدى ما يورثه من سعادة دائمة ومدى ما يبعث من سرور ولذة ونعمة، التوفيق الى رؤية مَن هو الأهل لمحبة بلا نهاية وشوق بلا نهاية ورؤية بلا نهاية في السعادة بلا نهاية.
الثمرة الخامسة
وهي ان الانسان - كما فهم من المعراج - ثمرة قيمة من ثمرات الكائنات جليل القدر، ومخلوق مكرم محبوب لدى الصانع الجليل. هذه الثمرة الطيبة اتى بها الرسول الكريم y بالمعراج، هدية الى الجن والانس، فرفعت تلك الثمرة الانسانَ من كونه مخلوقاً صغيراً وحيواناً ضعيفاً وذا شعور عاجز الى مقام رفيع ومرتبة عالية، بل الى ارقى مقام عزيز مكرم على جميع المخلوقات. فمنحت هذه الثمرة الانسانَ من الفرح والسرور والسعادة الخالصة ما يُعْجَز عن وصفه؛ لأنه:
اذا قيل لجندي فرد: لقد اصبحت مشيراً في الجيش، كم يكون امتنانه وحمده وسروره وفرحه ورضاه؟ لا يُقدَّر حتماً؛ بينما الانسان المخلوق الضعيف والحيوان الناطق.. والعاجز الفاني، الذليل امام