الكلمات | الموقف الثالث | 896
(867-904)

وربوبيته الكبيرة، ورأفته الكريمة، وقدرته العظيمة، وحكمته اللطيفة، قد زيّن هذا الانسان الصغير بحواسَ ومشاعر كثيرة جداً، وجمّله بجوارح واجهزة واعضاء مختلفة عديدة؛ ليُشعر طبقات رحمته الواسعة ويذيقه انواع آلائه التي لا تعد، ويعرّفه اقسام احساناته التي لا تحصى، ويُطلعه عبر تلك الاجهزة والاعضاء الكثيرة على انواع تجلياته التي لا تُحد لألف اسم واسم من اسمائه الحسنى، ويحببها اليه، ويجعله يحسن تقديرها حق قدرها.
فلكل عضو - من تلك الاعضاء الكثيرة - ولكل جهاز وآلة منها وظائفها المتنوعة وعباداتها المتباينة كما ان لذائذها مختلفة وآلامها متغايرة وثوابها متميز.
فمثلاً: العين، تشاهد الجمال في الصور، وترى معجزات القدرة الإلهية الجميلة في عالم الشهود، فتؤدي وظيفتها بتقديم الشكر لله من خلال نظرتها ذات العبرة. ولا يخفى على أحد مدى ما فيها - اي الرؤية - من لذةٍ وما يحصل من زوالها من ألم، لذا لا داعي لتعريف لذة الرؤية وألم فقدانها.
ومثلاً: الأذن، تشعر بلطائف الرحمة الإلهية السارية في عالم المسموعات، بسماعها انواع الاصوات ونغماتها اللطيفة المختلفة. فلها عبادة خاصة بها، ولذة تخصها، وثواب يعود اليها.
ومثلاً: حاسة الشم التي تشعر بلطائف الرحمة الإلهية الفواحة من شذى انواع العطور والروائح، فان لها لذتها الخاصة به ضمن ادائها شكرها الخاص، ولا شك ان لها ثواباً خاصاً بها.
ومثلاً: حاسة الذوق التي في الفم. فهي تؤدي وظيفتها وتقدم بشكرها المعنوي بانماط شتى من خلال ادراكها مذاقات انواع الاطعمة ولذائذها.
وهكذا فلكل جهاز من اجهزة الانسان ولكل حاسة وجارحة، ولكل لطيفة من لطائفه المهمة - كالقلب والروح والعقل وغيرها - وظائفها المختلفة، لذائذها المتنوعة الخاصة بها، فمما لا ريب فيه ان الخالق الحكيم الذي سخّر هذه الاجهزة لتلك الوظائف سيجزى كلاً

لايوجد صوت