الكلمات | الكلمة الثالثة والثلاثون | 960
(905-964)

فيا مَنْ يعدّ نفسه انساناً حقاً، إقرأ نفسك بنفسك، وإن لم تفعل فلربما تهبط من مرتبة الانسانية الى مرتبة الإنعام.
النقطة الثانية:
تشير هذه النقطة الى سرٍ مهمٍ من أسرار الأحدية، وتوضيحه كما يأتي:
كما أن روح الإنسان، ترتبط بعلاقات وأواصر مع جميع أنحاء جسم الانسان، حتى تجعل جميع اعـضائه وجميع اجزائه، في تعاون تامٍّ فيما بينها، أي أن الروح - التي هي لطيفة ربانية وقانون أمري اُلبس الوجود الخارجي بالأوامر التكوينية التي هي تجلي الإرادة الإلهية - لا يحجبها شئ عن إدارة شؤون كل جزء من اجزاء الجسم، ولا يشغلها شئٌ عن تفقدها، وإيفاء حاجات الجسم بكل جزء من أجزائه، فالبعيد والقريب إزاءها سواء، ولا يمنع شئ شيئاً قط، إذ تقدر على مدّ عضو واحد بأمداد من سائر الأعضاء، وتستطيع ان تسوق الى خدمته الأعضاء الأخرى. بل تقدر أن تعرف جميع الحاجات بكل جزء من أجزاء الجسم، وتُحِسُّ من خلال هذا الجزء بجميع الاحساسات، وتدير من هذا الجزء الواحد الجسمَ بأكمله، بل تتمكن الروح أن ترى وتسمع بكل جزء من اجزاء الجسم ان كانت قد اكتسبت نورانية اكثر..
فما دامت الروح التي هي قانون أمري من قوانين الله سبحانه - لها هذه القدرة لإظهار أمثال هذه الاجراءات في العالم الصغير وهو الانسان، فكيف يصعب إذن على الإرادة المطلقة (ولله المثل الاعلى)، وعلى قدرته المطلقة من القيام بأفعال لا حدَّ لها في العالم الأكبر، وهو الكون، وسماع أصوات لا حد لها فيه، وبأجابة دعوات لا نهاية لها تنطلق من موجوداته؟ فهو سبحانه يفعل ما يشاء في آن واحد، فلا يؤده شئ ولا يحتجب عنه شئ، ولا يمنع منه شئٌ شيئاً، ولا يُشغله شئ عن شئٍ. يرى الكل في آن واحد، ويسمع الكل في آن واحد. فالقريب والبعيد لديه سواء، إذا أراد شيئاً يسوق له كُلَّ شئ، يبصر كُلَّ شئ من أي شئ كان، يسمع أصوات كل شئ، ويعرف كلَّ شئ بكل

لايوجد صوت