الكلمات | اللوامع | 1003
(965-1035)

(1)لقد أسـس سبحانه بفضل ربوبيته وحكمته وعنايته في فم الانسان وانفه مركزين : وضع فيهما حراسَ حدودِ هذا العالم الصغير وعيونه. ونصب كل عرق، بمثابة الهاتف، وجعـل كل عصب في حكم البرق. وجعلت عنايته الكريمة حاسةَ الشم مأمورة ارسال المكـالمات الهاتفية، وحاسة الذوق موظفة ارسال البرقيات.
ومن رحمة ذلك الرزاق الحقيقي انه وضع قائمة الاثمان على الأرزاق، تلك هي: الطعم، واللون، والرائحة.
فهذه الخواص الثلاثة - من حيث الإرزاق - لوحة اعلان، وبطاقة دعوة، وتذكرة رخصة، ومنادية الزبائن وجالبة المحتاجين.
وقد منح ذلك الرزاق الكريم، الاحياء المرزوقة أعضاءً للذوق والرؤية والشم. وزين الاطعمة بمختلف ألوان الزينة والجمال.. ليسلّي بها القلوب المشتاقة ويثير شوق غير المبالين.
فحالما يدخل الطعام الفم، تخبر حاسة الذوق انحاء الجسم برقياً به، وتبلّغ الشم هاتفياً نوع الطعام الوارد وصنفه.
فالحيوانات المتباينة في الرزق والحاجات، تتصرف وفق تلك الاخبار وتتهيأ على حسبها. أو يأتي الجواب بالرد، فيلفظ الفم الطعام خارجاً، بل قد يبصق عليه.
ولما كانت حاسة الذوق مأمورة من قبل العناية الإلهية فلا تفسدها بالتذوق المستمر، ولاتخدعها بالتلذذ دوماً.
اذ ستنسى ما الشهية الحقة؟ لورود الشهية الكاذبة اليها، تلك التي تأخذ بلبها.. فيجازى صاحبها بالمرض ويعاقب بالعلل جراء خطئها.
اعلم ان اللذة الحقيقية، انما تنبع من شهية حقيقية.
وان الشهية الحقة الصادقة تنبع من حاجة حقيقية صادقة.
وفي هذه اللذة الحقة - الكافية للانسان ـ يتساوى السلطان والشحاذ. 
(1) هذه القطعة نواة رسالة الاقتصاد. وكأنه قد لخص تلك الرسالة في هذه السطورــ المؤلف().

لايوجد صوت