الكلمات | الكلمة الرابعة والعشرون | 441
(436-486)

لِمَ يختلف الأولياء كثيراً في مشهوداتهم وكشفياتهم مع أنهم يتفقون في أصول الايمان، اذ تظهر احياناً كشوفهم التي هي في درجة الشهود مخالِفةً للواقع ومجانبة للحق؟
ولماذا يرى - ويبيّن - أصحاب الفكر وارباب النظر الحقيقةَ متناقضةً في أفكارهم رغم اثبات أحقيتها بالبرهان القاطع لدى كل واحد منهم؟ فِلمَ تتلون الحقيقة الواحدة بألوان شتى؟
 السر الثاني:
لماذا ترك الانبياء السابقون عليهم السلام قسماً من أركان الايمان، كالحشر الجسماني، على شئ من الاجمال، ولم يفصّلوه تفصيلاً كاملاً كما هو في القرآن الكريم. حتى ذهب - فيما بعد - قسمٌ من أممهم الى انكار تلك الاركان المجملة؟ ثم لماذا تقدم قسم من الاولياء العارفين الحقيقيين في التوحيد فحسب، حتى بلغوا درجة حق اليقين، مع ان قسماً من أركان الايمان يبدو مجملاً في مشاربهم أو يتراءى نادراً، بل لأجل هذا لم يول متبعوهم فيما بعد تلك الاركان الاهتمام اللازم، بل قد زاغ بعضهم وضل.
فما دام الكمال الحقيقي يُنال بانكشاف أركان الايمان كلها، فلماذا تقدم أهلُ الحقيقة في بعضها بينما تخلّفوا في بعضها الآخر. علما ان الرسول الكريمy وهو امام المرسلين الذي حظى بالمراتب العظمى للاسماء الحسنى كلها، وكذا القرآن الحكيم الذي هو امام جميع الكتب السماوية، قد فصّلا أركان الايمان كلها تفصيلاً واضحاً جلياً وباسلوب جاد ومقصود؟
الجواب: نعم! لأن الكمال الحقيقي الأتم هو هكذا في الحقيقة.
وحكمة هذه الأسرار هي على النحو الآتي:
ان الانسان على الرغم من ان له استعداداً لبلوغ الكمالات كلها ونيل أنوار الاسماء الحسنى جميعها فانه يتحرى الحقيقة من خلال ألوف الحجب والبرازخ، اذ اقتداره جزئي، واختياره جزئي،

لايوجد صوت