المطلـقة بـلا قيد ولا برزخ. اي لا يستطيع ان يمنح بشهود قلبي دفء وجه الارض قاطبة وتنويره وتحريك حياة الحيوانات والنباتات جميـعـها وجـعـل السـيـارات تجـري حـولها..
وامثالها من الآثار الجليلة المهيبة، لا يستطيع منح تلك الشمس الآثار التي شاهدها ضمن ذلك القيد الضيق والبرزخ المحدود.
وحتى لو منحت الاشياءُ الثلاثة - التي فرضناها ذات شعور - الشمسَ تلك الآثار العجيبة التي تشاهدها تحت ذلك القيد، فانها يمكنها ان تمنحها بوجهٍ عقلي وايماني بحت، وبتسليم تام من ان تلك المقيدة هي المطلقة ذاتها.
فتلك (الزهرة والقطرة والرشحة) التي فرضناها شبيهة بالانسان العاقل، اسنادُها هذه الاحكام - اي الآثار العظيمة - الى شموسها اسنادٌ عقلي لا شهودي.. بل قد تتصادم احكامُها الايمانية مع مشهوداتها الكونية، فتصدّق بصعوبة بالغة. وهكذا فعلينا نحن الثلاثة الدخول الى هذا التمثيل الممتزج بالحقيقة، والذي يضيق بها ولا يسعها، وتشاهَد في بعض جوانبه اعضاء الحقيقة.
سنفرض انفسنا نحن الثلاثة (الزهرة) و (القطرة) و (الرشحة). اذ لا يكفي ما افترضناه من شعور فيها، فنلحق بها عقولَنا ايضاً. اي ان ندرك ان تلك الثلاثة مثلما تستفيض من شمسها المادية، فنحن كذلك نستفيض من شمسنا المعنوية.
فأنت ايها الصديق الذي لا ينسى الدنيا ويوغل في الماديات وقد غلظتْ نفسُه وتكاثفت! كن (الزهرة). لأن استعدادك شبيه بها، اذ ان تلك الزهرة تأخذ لونا قد تحلل من ضياء الشمس وتمزج مثال الشمس من ذلك اللون، وتتلون به في صورة زاهية.
اما هذا الفيلسوف الذي درس في المدارس الحديثة، والمعتقد بالأسباب، والذي يشبهه (سعيد القديم)، فليكن (القطرة) العاشقة للقمر، الذي يمنحها ظل الضياء المستفاد من الشمس فيعطي عينَها نوراً فتتلألأ به... ولكن (القطرة) لا ترى بذلك النور الا القمر، ولا تستطيع